المغيرة في غير الكر أيضا موجبة للتنجيس كلية، كصحيح علي بن جعفر: " في خنزير يشرب من إناء، قال: يغسل سبع مرات " (1). وصحيح محمد بن مسلم: " عن الكلب يشرب من الإناء، قال: اغسل الإناء " (2). وصحيح البزنطي قال: " سألت أبا الحسن عن الرجل يدخل يده في الإناء وهي قذرة، قال (عليه السلام): يكفي الإناء (3).
وعمومه لكل قذارة لا يقبل الإنكار، كما أن خصوصية الإنائية ملقاة قطعا، غاية الأمر اختصاصه بالراكد القليل، وصحيح محمد بن مسلم - وما بمعناه - قد عرفت عمومه من تلك الحيثية أيضا.
وبعد ثبوت هذا العموم قد ارتفعت الأقوال الثلاثة بعدم الانفعال مطلقا أو في الجملة، ولا يهمنا ذكر ما ذكر لها من المستند ورده، لأن شيخنا الأستاذ (قدس سره) قد كفانا مؤنة ذلك في شرح إرشاده بما لا مزيد عليه.
بقي الكلام في بيان كيفية النجاسة بالملاقاة من الوجوه الثلاثة التي ذكرها شيخنا الأستاذ من السراية الحكمية، بمعنى الحكم بنجاسة الجزء الملاقي للملاقاة مع النجس ونجاسة الجزء الملاصق له، لصدق ملاقاته مع ما حكم عليه بالنجاسة، وهكذا إلى أن ينتهي الأجزاء المتلاصقة المتواصلة، لأن ملاقاتها بعضها مع بعض ثابتة لها قبل الحكم وحينه.
والحكم بالنجاسة إذا أتى للجزء الأول - لملاقاته عين النجس - تأتي للأجزاء الباقية، من جهة ملاقاتها لما حكم بنجاسته، وتمامية هذا موقوفة على القول بتصحيح انقسام الشيء إلى جزء لا يتجزأ.
أما على القول ببطلانه فيرد عليه ما أورده الأستاذ من اختصاص الملاقاة بأحد سطحي الجزء، فيختص الحكم بالتنجيس به، ولا يتعدى منه إلى السطح الآخر، فيختص النجاسة حينئذ بالجزء الأول وأحد سطحي الجزء الثاني.