المنع عن استعمال القذر فلا أمر بالوضوء، ومع عدم الأمر بكون الإتيان بالوضوء تشريعا أو لأجل ما ذكرناه من تقديم مراعاة الطهارة الخبثية في الصلاة على الطهارة الحدثية، أو لقيام الأدلة الخاصة من النص والإجماع على المنع في المسألة السابقة عن استعمال المشتبه بالخصوص كما تقدم، ولا شيء منها في المقام يقتضي المنع لو لم يدع قيام الإجماع هنا على الوجوب.
قوله (قدس سره): (أما بين الغصب وغيره فلا يجزي التكرار في الوضوء والغسل) لأن المغصوب ممنوع التصرف ذاتا، فلا يبقى معه أمر، لما تقرر في محله من عدم اجتماع الأمر والنهي، وأن الأمر مرتفع بالنهي، والمعلوم بالإجمال كالمعلوم بالتفصيل بعدما أصلناه من كفاية العلم الإجمالي في التنجز، فيكون الواجب المؤدى مع النهي فاسدا، لاقتضاء النهي في العبادة الفساد، إذ لا يرضى الشارع (عليه السلام) بأن يطاع في ضمن المعصية.
ومنه يعلم صحة الطهارة الحدثية في المقام فضلا عن الخبثية لو ارتفع عنه فعلية النهي بأحد الأعذار المرتفعة معه تنجز التكليف، فافهم.
قوله (قدس سره): (ولا يجوز استعمال أحدهما في إزالة الخبث، لكن لو فعل تحصل الطهارة) وجه عدم الجواز ما عرفته من أن الاحتراز عن كل من أطراف الشبهة مقدمة للخروج عن عهدة التكليف المنجز بالعلم الإجمالي لازم، وهو لا يجتمع مع الأمر بالأدلة، لما عرفت.
وأما وجه حصول الطهارة به بعد الارتكاب فلأن من شأن الماء المطلق إزالة الخبث به عند استعماله فيها ولا يضر حرمة الاستعمال كما لو استعمل نفس المغصوب، لعدم اقتضاء النهي في المعاملة الفساد، سيما النهي المقدمي ما لم يتعلق بأركانها وما به قوامها، كما في المقام فإنه متعلق بأمر خارج منها مجتمع معها في الوجود الخارجي، إذ النهي تعلق بالغصب واجتماعه مع المأمور به وهو الغسل من اجتماع الأمر والنهي بعكس استعمال النجس في التطهير فإنه محظور في الشرع ذاتا بالإجماع والأخبار كما بين في المقام وفي باب المكاسب.