له أن يقنع بالموافقة الاحتمالية في مثل هذا التكليف تسهيلا على المكلف، ولكن لا يكفي الاصول الجارية في الطرفين بلحاظ كونهما مشتبهين لحصول تلك الامنية، لمعارضة الأصل في كل منهما به في الآخر بعد تنجز التكليف بالواقع المعلوم إجمالا المحكوم عقلا بقبح المخالفة.
فتبين أنه بعد تنجز الواقع لإمكان الخروج عن عهدة امتثاله وعدم قصور في شمول خطابه للمقام لما بين في محله أن متعلق الخطاب هو نفس الواقع بلا مدخلية للعلم والجهل فيه لا مناص عن وجوب التحرز عنهما.
نعم لا بد في تنجزه من العلم بتحققه وإمكان امتثاله وهما في المقام حاصلان ولا يقنع العقل بالموافقة الاحتمالية فيما لم يصل فيه مؤمن شرعي، ولا يحصل الأمن بالاصول لسقوط أصالتي حل ما لم يعلم حرمته وطهارة ما لم يعلم نجاسته عن قابلية التعويل عليهما، لعدم الدليل عليهما في المقام، لأن جريان الأصل في أحد الطرفين معينا ترجيح بلا مرجح، وفي أحدهما مخيرا خارج عن مدلول أدلة الاصول وغير مستفاد منها، وفيهما معا موجب للمخالفة القطعية للخطاب المعلوم المنجز وهي غير جائزة فيتساقطان للمعارضة.
مضافا إلى تحقق الغاية وهو العلم بالحرمة والنجاسة، فليس من مجرى الأصل، لزوال الشك بالعلم، فيجب العمل حينئذ بما يحصل معه الموافقة القطعية، وهي لا تحصل إلا بتركهما معا، فالاجتناب عن كل منهما واجب مقدمة لامتثال هذا التكليف اللازم الامتثال.
الثالث: هل حرمة استعمال النجس المعلوم وجوده في المقام ذاتية فيترتب عليها آثارها مع المصادفة، أو تشريعية منوطة بالمخالفة القصدية؟
الأقوى هو الأول، بمعنى عدم اختصاصها بالثانية كما اختاره الشيخ الأستاذ - طاب ثراه -، وجه القوة ما قدمناه في الأمرين المتقدمين مع ما سيأتي.
ووجه قصر الشيخ الأستاذ - طاب ثراه - الحرمة في التشريعية هو عدم ثبوت حرمة الوضوء بالنجس ذاتا عنده، وكذا عدم ثبوت حرمة مطلق استعماله كما