وإذا تقرر هذا فليكن خال رسول الله - صلى الله عليه وآله - أشرف قدرا من منصوره وهو يأباه ولو لم يأبه فلا يرضى بذلك أحد من أهل السنة ويرون الجاحظ بذلك سابا لأبي بكر - رضوان الله عليه - وسب خلصاء الصحابة محذور فاعلم ذلك.
ويمكن الرد على هذا بأن أبا بكر لم يكن خالا في زمن رسول الله - صلى الله عليه وآله - والإشكال إنما هو متوجه بهذا. ثم إن الجاحظ مرمي بمذاهب المعتزلة، فالمذاهب الأشعرية تتبرأ منه، والمذاهب الحنبلية تتبرأ منه، والمذهب المالكية تتبرأ منه [وكذا الشافعية والمذاهب الشيعية تتبرأ منه، والمذاهب الكرامية تتبرأ منه] (1) وإن كان على قواعد المثبتين الجواهر وما يبعد، فقواعد القائلين بالصانع تتبرأ منه، إذ مذهبهم آئل إلى ذلك وهو نفي الصانع، ومن كان هذا أشرف حليته فغير بدع الانحراف منه على أمير المؤمنين - عليه السلام - وشيعته، وأبو بكر وعمر يبرء آن (2) منه، إذ لم ينقل عنهما إيغال (3) في الطعن، مع أن عمر مع الذي عنده من حزونة المزاج والخشونة، كان المثنى (4) عليه - على ما رواه القوم - يعتمد على رأيه، ويقول: (لولا علي لهلك (5) عمر)، ونحو هذا وقد أثبتناه فيما سلف (6) ولا المعتزلة راضية عنه، إذ لا أعرف أحدا منهم يقول الذي يقول، بل فيهم من بلغنا أنه رد عليه وسخف رأيه وهذاه أحسن الله تعالى جزاء ذاك، وهو أبو جعفر الإسكافي (7) حسب ما