خلافا لزاعمه، ووصفهم بقوله: ولاة الحق، جمع وال أي الذين يلون الحق أي يتصفون به، وقضاة الخلق، جمع قاض أي شأنهم الاتصاف بذلك وإن لم يلوه بالفعل لأن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم، ورتقة الفتق؛ الرتقة محركة جمع راتق وهو الذي يضم الشئ ويلأمه، والفتق الشق، وفسر المصنف الرتق بأنه ضد الفتق فالجمع بينهما من أنواع البديع؛ وغرر السبق؛ الغرر جمع غرة، والسبق التقدم، وفتحة الغرب والشرق؛ الفتحة، بالتحريك جمع فاتح والمراد بالغرب والشرق قطراهما لأنهم، رضي الله تعالى عنهم، جاهدوا في الله حق جهاده حتى مهدوا الدنيا بأسرها واستولوا على الأرضين كلها بفتحها بقتل كفرتها وأخذها وأسرها، جزاهم الله خيرا عن الإسلام وبوأهم الجنة دار السلام ورزقنا محبتهم الخالصة والانقياد إلى ودهم والاستسلام آمين، وسلم؛ هكذا في سائر النسخ وكأنه معطوف على صلى المقدر من قوله وأن يصلي عليه؛ تسليما كثيرا؛ دائما أبدا. (وحسبنا الله ونعم الوكيل) (1)؛ هكذا وجد في النسخ الموجودة عندنا ختام هذه الخاتمة بهذه الآية الكريمة، وفي بعضها بدون هذه الآية (*).
وتقدم أ، الجوهري ختم كتابه بقول ذي الرمة السابق، وقلده صاحب اللسان. وأما الأزهري فقال في آخر كتابه ما نصه: وهذا آخر الكتاب من كلامهم إلا ما صح لي سماعا من أعرابي فصيح، أو محفوظا الإمام ثقة حسن الضبط، مأمون على ما أذى (2) وأما ما وقع في تضاعيفه لأبي بكر محمد بن دريد الشاعر والليث مما لم أحفظه لغيرهما من الثقات، فقد ذكرت أول الكتاب أني واقف في تلك الحروف ويجب على الناظر فيها أن يفحص عن تلك الغرائب التي استغربناها وأنكرنا معرفتها، فإن وجدها محفوظة في كتب الأئمة، أو شعر جاهلي أو بدوي إسلامي علم صحتها، ولم يصح له من هذه الجهة توقف عن تصحيحه.
وأما النوادر التي لآواها أبو عمر الزاهد وأودعها كتابه فإني تأملتها ولم أعثر منها على كلمة مصحفة ولا لفظة مزالة عن وجهها أو محرقة عن معناها؛ ووجدت عظم ما روى لابن الأعرابي وأبي عمرو الشيباني وأبي زيد وأبي عبيدة والأصمعي معروفا في الكتب التي رواها الثقات عنهم، والنوادر المحفوظة لهم، ولا يخفى ذلك على من درس كتبهم وعني بحفظها والتفقد لها. ولم أذهب فيما ألفت وجمعت في كتابي مذهب من تصدى للتأليف فجمع ما جمع من كتب لم يحكم معرفتها ولم يسمعها ممن أتقنها، وحمله الجهل وقلة المعرفة على تحصيل ما لم يحصله وتكملة ما لم يكمله حتى أفضى به ذلك إلى أن صحف فأكثر وغير فأخطأ، ولما تأملت ما ألفه هذه الطبقة وجنايتهم على لسان العرب الذي به نزل الكتاب ووردت السنن والأخبار وإزالتهم كلام العرب عما عليه صيغة ألسنتها وإدخالهم فيه ما ليس من لغاتها عملت أن المميزين من علماء اللغة قد قلوا في أقطار الأرض، وأن من درس تلك الكتب ربما اغتر بها واستعملها واتخذها أصولا فبني عليها، فألفت هذا الكتاب وأعفيته من الحشو وبينت الصواب بقدر معرفتي ونقيته من التصحيف والمغير والخطأ المستفحش والتفسير المزال عن جهة.
ولو أنني كثرت كتابي وحشوته بما حوته دفاتري واشتملت (3) عليه الكتب التي أفسدها الوراقون وغيرها المصحفون لطال وتضاعف على ما انتهى إليه، وكنت أحد الجانبين على لغات العرب، والله يعيذنا من ذلك، غير أني حرصت أن يكون ما دونته مهذبا من آفة التصحيف منقى من فساد التغيير، ومن نظر فيه من ذوي المعرفة يعجلن إلى الرد والإنكار، وليتثبت فيما يخطر بباله فإنه يبين له الحق وينتفع بما استفاد (4) وأسأل الله ذا