وذكر هنا الشيخ المفيد طاب ثراه في الإرشاد أن الذين أقاموا على حياته شرذمة لم تكن من خاصة أبيه ولا من الرواة عنه وكانوا من الأباعد والأطراف، ولما مات الصادق (عليه السلام) انتقل فريق منهم إلى القول بإمامة موسى (عليه السلام) بعد أبيه، وافترق الباقون فريقين، ففريق منهم رجعوا عن حياة إسماعيل، وقالوا بإمامة ابنه محمد بن إسماعيل، لظنهم أن الإمامة كانت في أبيه، وأن الابن أحق بمقام الأب من الأخ، وفريق ثبتوا على حياة إسماعيل، وهم اليوم شذاذ لا يعرف منهم أحد يومى إليه، وهذان الفريقان يسميان بالإسماعيلية، والمعروف منهم الآن من يزعم أن الإمامة بعد إسماعيل في ولده وولد ولده إلى آخر الزمان.
وبالرغم من هذه التدابير اللازمة والشواهد الواضحة، قام بعض الناس بالتشكيك في موت إسماعيل، محاولين إثبات إمامته بعد أبيه.
فكانت النتيجة تكوين مذهب جديد متشعب عن مذهب أهل البيت الشيعة الإمامية، ومنفصل عنه، وهو مذهب الإسماعيلية، وقد انقسم هذا المذهب إلى قسمين:
ظاهرية: وهم المعروفون اليوم بالبهرة، وباطنية وهم معروفون بالآغاخانية، وهم منتشرون في العالم، وخاصة في بلاد الهند، وباكستان، وشرقي أفريقيا.
ويعترفون في مذهبهم بستة من أئمة أهل البيت (عليهم السلام) الاثني عشر - حيث يقفون عند الإمام الصادق (عليه السلام) - ولا يعترفون بإمامة الستة الباقين (عليهم السلام).
ولهم تأريخ مفصل، وأحكام فقهية تختلف عن فقه شيعة أهل البيت الإمامية اختلافا كثيرا، ولو أردنا الدخول في التفصيل، لطال بنا المقال وخرجنا عن الاختزال.