أحسب أنه أراد الصادق (عليه السلام) من قوله " أخيك ": إسماعيل خاصة، ولذا أجابه عبد الله بقوله: أليس أبي وأبوه واحدا؟ وأمي وأمه واحدة؟ لأن أخاه من الأبوين هو إسماعيل لا موسى.
وكفى بهذا الحديث دلالة على فضل إسماعيل وعلو مقامه عند الله وعند أبيه، وعلى جهل عبد الله وانحطاط منزلته عند الله وعند أبيه.
وادعى عبد الله الإمامة بعد أبيه محتجا بأنه أكبر إخوته، ولقد أنبأ الصادق ولده الكاظم (عليهما السلام) بأن عبد الله سوف يدعي الإمامة بعده ويجلس مجلسه، وأمره ألا ينازعه ولا يكلمه لأنه أول أهله لحوقا به، فكان الأمر كما أنبأ (عليه السلام) (1).
ولما ادعى الإمامة تبعه جماعة من أصحاب الصادق (عليه السلام) ورجع أكثرهم بعد ذلك إلى القول بإمامة موسى الكاظم (عليه السلام)، لما تبينوا ضعف دعواه، وقوة الحجة من أبي الحسن (عليه السلام) ودلالة إمامته (2).
وممن دخل عليه مستعلما صحة دعواه هشام بن سالم ومؤمن الطاق، والناس مجتمعون حوله محدقون به، فسألاه عن الزكاة في كم تجب؟ فقال: في مائتين خمسة، قالا: ففي مائة؟ قال: درهمان ونصف، فقالا له: فوالله ما تقول المرجئة هذا، فرفع يده إلى السماء فقال: لا والله ما أدري ما تقول المرجئة، فعلما أنه ليس عنده شيء، فخرجا من عنده ضلالا لا يدريان أين يتوجهان، فقعدا في بعض أزقة المدينة باكيين حيرانين وهما يقولان: لا ندري إلى من نقصد، إلى من نتوجه، إلى المرجئة، إلى القدرية، إلى الزيدية، إلى المعتزلة، إلى الخوارج، فبينا هما كذلك