ودخل أبو جعفر (عليه السلام) يوما مسجد الرسول (صلى الله عليه وآله) فلما بصر به علي بن جعفر وثب بلا حذاء ولا رداء فقبل يده وعظمه، فقال له أبو جعفر: يا عم، إجلس رحمك الله، فقال: يا سيدي، كيف أجلس وأنت قائم، فلما رجع أبو جعفر إلى مجلسه جعل أصحابه يوبخونه ويقولون: أنت عم أبيه، وأنت تفعل به هذا الفعل، فقال: اسكتوا، إذا كان الله عز وجل - وقبض على لحيته - لم يؤهل هذه الشيبة وأهل هذا الفتى ووضعه حيث وضعه، أنكر فضله! نعوذ بالله مما تقولون، بل أنا له عبد (1).
هذه هي النفس القدسية التي عرفت الحق فاتبعته، وما اقتفت أثر الحمية والعصبية، واغترت بالنفس، بل كان من حب النفس أن يطبع المرء خالقه جل شأنه في أوليائه وأولي الأمر من عباده.
هذه بعض حال علي بن جعفر التي تكشف عما انطوى عليه ضميره من القدس والنسك والطاعة والعلم بالله وبالحجج من خلقه.
وكان رضوان الله عليه يسمى بالعريضي، نسبة إلى العريض - بضم وفتح - محل قرب المدينة كان يسكنه، وبه مات إسماعيل، ولعلي أولاد ينسبون إليه بعنوان العريضي.
وقد اختلف في موضع قبره على ثلاثة أقوال. فقيل: إنه بالعريض في المدينة، وقيل: في سمنان، وقيل: في قم، والأول هو المشهور، قال النوري في المستدرك (3: 626): الحق أن قبره بالعريض، كما هو معروف عند أهل المدينة، وقد نزلنا عنده في بعض أسفارنا، وعليه قبة عالية، ويساعده الاعتبار، وأما الموجود في قم،