موته لدى الناس، فعل ذلك مرارا إلى أن انتهوا به إلى قبره (1).
ولما فرغ من دفنه جلس والناس حوله وهو مطرق، ثم رفع رأسه فقال:
أيها الناس إن هذه الدنيا دار فراق، ودار التواء، لا دار استواء، على أن لفراق المألوف حرقة لا تدفع، ولوعة لا ترد، وإنما يتفاضل الناس بحسن العزاء وصحة الفكرة، فمن لم يثكل أخاه ثكله أخوه، ومن لم يقدم ولدا كان هو المقدم دون الولد، ثم تمثل بقول أبي خراش الهذلي:
ولا تحسبن أني تناسيت عهده * ولكن صبري يا أميم جميل (2) ولما مات إسماعيل استدعى الصادق (عليه السلام) بعض شيعته وأعطاه دراهم وأمره أن يحج بها عن ابنه إسماعيل، وقال له: إنك إذا حججت عنه لك تسعة أسهم من الثواب ولإسماعيل سهم واحد (3).
ومات إسماعيل بالعريض (4) وحمل على الرقاب إلى المدينة (5) وقبره فيها معروف، هدمه حكام آل سعود الوهابيون كما هدم قبور آبائه الأئمة في البقيع وإلى اليوم لم يسمح بإعادة البناء عليها.
فتلك الأعمال من الصادق (عليه السلام) مع ابنه إسماعيل تدلنا على كبير ما يحمل له من الحب والبر والعطف، وعلى ما كان عليه إسماعيل من التقوى والفضل، ولكن