إذ رأى هشام شيخا لا يعرفه يؤمي إليه بيده، فخاف أن يكون من عيون المنصور، لأنه كان له جواسيس وعيون بالمدينة ينظرون على من اتفق شيعة جعفر (عليه السلام) فيضربون عنقه، فقال لمؤمن الطاق: تنح عني فإني أخاف على نفسي وعليك، وإنما يريدني ليس يريدك، فتنح عني لا تهلك وتعين على نفسك، فتنحى أبو جعفر غير بعيد، وتبع هشام الشيخ، فما زال يتبعه حتى أورده باب أبي الحسن موسى (عليه السلام)، ثم خلاه ومضى، فإذا خادم بالباب، فقال له: ادخل رحمك الله، فلما دخل قال له أبو الحسن (عليه السلام) ابتداء: إلي إلي إلي، لا إلى المرجئة، ولا إلى القدرية، ولا إلى الزيدية، ولا إلى المعتزلة، ولا إلى الخوارج.
ثم خرج هشام من عند الكاظم (عليه السلام) ولقي أبا جعفر مؤمن الطاق، فقال له:
ما وراءك؟ قال: الهدى، فحدثه بالقصة، ثم لقي المفضل بن عمر وأبا بصير فدخلوا عليه وسلموا وسمعوا كلامه وسألوه ثم قطعوا عليه، ثم لقي هشام الناس أفواجا فكان كل من دخل عليه قطع عليه إلا طائفة مثل عمار الساباطي وأصحابه، فبقي عبد الله لا يدخل عليه إلا قليل من الناس، فلما علم عبد الله أن هشاما هو السبب في صد الناس عنه أقعد له بالمدينة غير واحد ليضربوه (1).
وبقي عبد الله مصرا على دعوى الإمامة إلى أن مات، وما كانت أيامه بعد أبيه إلا سبعين يوما، فلما مات رجع الباقون إلى القول بإمامة أبي الحسن (عليه السلام) إلا شاذا منهم (2) وهم الذين لزمهم لقب الفطحية، وإنما لزمهم هذا اللقب لقولهم بإمامة عبد الله وهو أفطح الرجلين (3) أو أفطح الرأس، وانقطع أثر هذه الطائفة