يريدون إطفاء نور الله: ثم أومأ إلى موسى (عليه السلام)، ولما أن دفن إسماعيل وأشهدهم أخذ بيد موسى فقال: هو حق والحق معه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها (1).
وظهر على الصادق الحزن الشديد حين حضر إسماعيل الموت وسجد سجدة طويلة، ثم رفع رأسه فنظر إلى إسماعيل قليلا ونظر إلى وجهه، ثم سجد أخرى أطول من الأولى، ثم رفع رأسه فغمضه وربط لحييه وغطى عليه ملحفته، ثم قام ووجهه قد دخله شيء عظيم حتى أحس ذلك منه من رآه، وعلى إثر ذلك دخل المنزل فمكث ساعة، ثم خرج على القوم مدهنا مكتحلا وعليه ثياب غير التي كانت عليه، ووجهه قد تسرى عنه ذلك الأثر من الحزن، فأمر ونهى، حتى إذا فرغ من غسله دعا بكفنه فكتب في حاشيته: إسماعيل يشهد أن لا إله إلا الله (2).
فتعجب الناس من انقلاب حاله وذهاب ذلك الحزن الشديد، فبدر إليه بعض أصحابه قائلا: جعلت فداك، لقد ظننا أننا لا ننتفع بك زمانا لما رأيناه من جزعك؟ فقال (عليه السلام): إنا أهل بيت نجزع ما لم تنزل المصيبة، فإذا نزلت صبرنا.
وقدم لأصحابه المائدة وعليها أفخر الأطعمة وأطيب الألوان ودعاهم إلى الأكل وحثهم عليه، ولا يرون للحزن أثرا على وجهه، فقيل له في ذلك، فقال:
وما لي لا أكون كما ترون وقد جاء في خبر أصدق الصادقين: إني ميت وإياكم.
ولكنه لما حمل ليدفن تقدم سريره بغير حذاء ولا رداء، وهذا أعظم شعار للحزن، وكان يأمر بوضع السرير على الأرض يكشف عن وجهه يريد بذلك تحقيق