هناك أحاديث قدحت في مقامه ووصمت قدسي ذاته، وإني لا أراها تعادل تلك الأحاديث السالفة، بل إن بعض الأخبار كشفت لنا النقاب عن كذب هذه الأخبار القادحة، أو أنها صدرت لغايات مجهولة لنا، فمن تلك الأحاديث الكاشفة، ما رواه في الخرائج والجرائح عن الوليد بن صبيح (1)، قال: جاءني رجل فقال لي: تعال حتى أريك ابن إلهك (2). فذهبت معه، فجاء بي إلى قوم يشربون، فيهم إسماعيل ابن جعفر، فخرجت مغموما فجئت إلى الحجر فإذا إسماعيل بن جعفر متعلق بالبيت يبكي قد بل أستار الكعبة بدموعه، فرجعت أشتد فإذا إسماعيل جالس مع القوم، فرجعت فإذا هو آخذ بأستار الكعبة قد بلها بدموعه، قال: فذكرت ذلك لأبي عبد الله (عليه السلام)، فقال: لقد ابتلي ابني بشيطان يتمثل على صورته.
فهل يا ترى زكاة لإسماعيل أفضل من هذا الحديث، فلا بد إذن من طرح الأحاديث القادحة أو حملها على غايات غير ما دلت عليه بظاهرها، ولو كان إسماعيل كما قدحت فيه تلك الأحاديث لما لازمه الصادق (عليه السلام) في الحضر والسفر، ولنحاه كما نحى ابنه عبد الله.
ولما مات إسماعيل انصرف عن القول بإمامته من كان يظن أن الإمامة فيه بعد أبيه. وحدث القول بإمامته بعد أبيه الصادق، والقائلون بإمامته يسمون بالإسماعيلية، وقد أشرنا وسنشير إلى هذه الفرقة.