وفعل به مثل الأول، ولما غسل وأدرج في أكفانه أمر به فكشف عن وجهه ثم قبله في تلك المواضع ثالثا، ثم عوذه بالقرآن، ثم أمر بإدراجه.
وفي رواية أخرى أنه أمر المفضل بن عمر فجمع له جماعة من أصحابه حتى صاروا ثلاثين، وفيهم أبو بصير وحمران بن أعين وداود الرقي، فقال لداود:
اكشف عن وجهه، فكشف داود عن وجه إسماعيل، فقال: تأمله يا داود فانظره أحي هو أم ميت؟ فقال: بل هو ميت. فجعل يعرض على رجل رجل حتى أتى على آخرهم، فقال: اللهم اشهد. ثم أمر بغسله وتجهيزه، ثم قال: يا مفضل أحسر عن وجهه، فحسر عن وجهه، فقال: حي هو أم ميت؟ انظروه جميعكم، فقالوا:
بل هو يا سيدنا ميت، فقال: شهدتم بذلك وتحققتموه؟ قالوا: نعم، وقد تعجبوا من فعله، فقال: اللهم اشهد عليهم. ثم حمل إلى قبره، فلما وضع في لحده قال:
يا مفضل اكشف عن وجهه، فكشف فقال للجماعة: انظروا أحي هو أم ميت؟
فقالوا: بل ميت يا ولي الله، فقال: اللهم اشهد. ثم أعاد عليهم القول في ذلك بعد دفنه، فقال لهم: الميت المكفن المحنط المدفون في هذا اللحد من هو؟ فقالوا:
إسماعيل ولدك. فقال: اللهم اشهد (1).
قد يعجب المرء من إصرار الإمام على أن يعرف الناس موت إسماعيل حتى لا تبقى شبهة ولا ريب بموته، ولكن لا عجب من أمر الإمام العالم بما سيحدث في هذا الشأن، إنه يعلم أن قوما سيقولون بإمامته لأنه الأكبر زعما منهم إنه لم يمت، فما فعل ذلك إلا ليقيم الحجة عليهم، وقد كشف بنفسه (عليه السلام) عن هذا السر، فإنه قال بعد أن وضع إسماعيل في لحده وأشهد القوم على موته: فإنه سيرتاب المبطلون،