بصيرة وهدى.
كان رجل يظن فيه علي بن جعفر أنه من الواقفة، سأله عن أخيه الكاظم فقال له علي: إنه قد مات، فقال له السائل: وما يدريك بذلك؟ قال له: اقتسمت أمواله، ونكحت نساؤه، ونطق الناطق بعده، قال: ومن الناطق بعده؟ قال علي:
ابنه، قال: فما فعل؟ قال له: مات، قال: وما يدريك أنه مات؟ قال علي:
قسمت أمواله، ونكحت نساؤه، ونطق الناطق من بعده، قال: ومن الناطق من بعده؟ قال علي: ابنه أبو جعفر، فقال له الرجل: أنت في سنك وقدرك وأبوك جعفر ابن محمد (عليهما السلام)، تقول هذا القول في هذا الغلام، فقال له علي: ما أراك إلا شيطانا، ثم أخذ بلحيته فرفعها إلى السماء ثم قال: فما حيلتي إن كان الله رآه أهلا لهذا، ولم ير هذه الشيبة لهذا أهلا (1)!
هذا لعمر الحق هو الورع، ورضوخ النفس للحق، وعدم الاغترار بشؤون التقدم من الفضل والسن والجلالة، التي قد تغتر النفس الأمارة بما دونها من الخصال العالية.
وكان يعمل أبدا مع أبي جعفر عمل المأموم العارف بمنزلة الإمام، دون أن يحجزه عن هذا أنه عم أبيه، بل ربما تمنى أن يفديه بنفسه، فقد روي أنه أراد أبو جعفر (عليه السلام) ليقتصد ودنا الطبيب ليقطع له العرق، فقام علي بن جعفر فقال:
يا سيدي يبدأني لتكون حدة الحديد في قبلك، ثم أراد أبو جعفر (عليه السلام) النهوض فقام علي بن جعفر فسوى له نعليه حتى يلبسهما (2).