على كل بنية عشرة، كلما أكل عشرة جاء عشرة أخرى، يلقى لكل نفس منهم مد من رطب، وكنت آمر لجيران الضيعة كلهم، الشيخ والعجوز والصبي والمريض والمرأة، ومن لا يقدر أن يجيء فيأكل منها، لكل إنسان منهم مد، فإذا كان الجذاذ، وفيت القوام والوكلاء والرجال أجرتهم وأحمل الباقي إلى المدينة، ففرقت في أهل البيوتات والمستحقين الراحلتين والثلاثة، والأقل والأكثر على قدر استحقاقهم، وحصل لي بعد ذلك أربعمائة دينار، وكان غلتها أربعة آلاف دينار... ".
ومن آيات كرمه ما نقله أبو نعيم في الحلية عن أبي الهياج ابن بسطام أنه قال:
كان جعفر بن محمد يطعم حتى لا يبقي لعياله شيئا.
ومنها ما ذكره مفضل بن قيس بن رمانة، قال: " دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فشكوت إليه بعض حالي، وسألته الدعاء...
فقال: يا جارية، هاتي الكيس الذي وصلنا به أبو جعفر، فجاءت بالكيس... فقال: هذا كيس فيه أربعمائة دينار فاستعن به...
فقلت: والله جعلت فداك ما أردت هذا، ولكن أردت الدعاء لي...
فقال لي: ولا أدع الدعاء، ولكن لا تخبر الناس بكل ما أنت فيه فتهون عليهم... ".
ويحدد لنا الإمام المفهوم الإنساني للمعروف بأعمق ما يتصور له من تحديد، فالمعروف عنده هو العطاء بدون مسألة وطلب، والذي ينطلق عن يد كريمة إلى يد لم يدنسها ذل الاستجداء، فهو عطاء لا يقابله شيء سوى إرادة وجه الله، وحب المعروف لأنه خير، أما العطاء بعد المسألة فليس معروفا بالمفهوم الذي