انسجاما مع مقتضيات العدالة ومبادئ الحق.
فعن المعلى بن خنيس قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) يوما: جعلت فداك...
ذكرت آل فلان وما هم فيه من النعيم فقلت: لو كان هذا إليكم لعشنا معكم.
فقال: هيهات يا معلى... أما والله أن لو كان ذاك، ما كان إلا سياسة الليل وسياحة النهار ولبس الخشن وأكل الجشب، فزوي ذلك عنا فصرنا نأكل ونشرب، فهل رأيت ظلامة قط صيرها الله تعالى نعمة إلا هذه؟
فحينما يكون الإمام في مركز الحكومة، فعليه أن يعيش كما يعيش ضعفاء الناس وفقراؤهم، ليكون قدوة لهم، وليخفف عنهم مرارة مأساة الحرمان والفقر...
بمشاركته لهم في ذلك، أما حينما يكون في خارج المركز المسؤول، فإن عليه أن يعيش كما يعيش أوساط الناس، بما يتفق وكرامة الإنسان في الحياة.
ويعطينا الإمام الصادق في موقف آخر له مع سفيان الثوري، صورة معبرة عن واقعية الزهد التي لا تصطدم مع إرادة التمتع بطيب الحياة ومعطياتها الخيرة، فعن سفيان قال:
دخلت على الإمام الصادق وكان عليه جبة خز دكناء، فجعلت أنظر إليها متعجبا، فقال لي: يا ثوري، ما لك تنظر إلينا، لعلك مما رأيت؟
فقلت: يا ابن رسول الله، هذا ليس من لباسك ولا لباس آبائك.
فقال لي: يا ثوري، كان ذلك الزمان مقفرا مقترا... ثم حسر عن ردن جبته، وإذا تحتها جبة صوف بيضاء، وقال: يا ثوري، لبسنا هذا لله - وأشار إلى جبة الصوف - وهذا لكم - وأشار إلى الخز - فما كان لله أخفيناه، وما كان لكم أبديناه.
فهذا المظهر الأنيق من الإمام، الذي تحدثنا به الروايات، لا يتنافى مع سلوك الزهد والتقشف، فهو حين يظهر بالمظهر المتجمل في لباسه، والذي ينسجم