به، وبعد ثبوت التكليف والقطع به لا بد من رفعه بالامتثال قطعا، أو احتمالا على تقدير تعذر القطعي، أو لتجويز الشارع - ولو بلسان العقل - ترك القطعي مع التمكن منه.
وإن شئت قلت: إنه في الآن الأول قطع بتكليف عليه مردد بين الآن الأول والمتأخر، فلا بد من رفعه بالامتثال القطعي أو الاحتمالي على نحو ما مر، ولما كان المفروض جريان أصالة البراءة في الآن الأول بحكم العقل، بل الشرع أيضا بمقتضى أخبار البراءة، وكان لازمه رفع اليد عن الامتثال القطعي، فترك الامتثال القطعي لذلك، وأما الاحتمالي ودفع المخالفة القطعية له، فلا يلزم منه، بل يجب بحكم العقل حينئذ الخروج عن المخالفة القطعية للتكليف المعلوم، دفعا لاحتمال العقاب.
وكيف كان، فما نحن فيه من قبيل الشبهة المحصورة التي تلف أحد أطرافها بعد العلم الإجمالي، فإن المكلف عالم في المقام إجمالا بتكليف عليه في مجموع الزمنين مردد كونه تكليفا بالفعل في خصوص الزمان أو مطلقا، فالزمان الأول من أطراف العلم الإجمالي، ولا ريب أن تعذره بعد كونه من أطرافه، فيجب الاحتياط بامتثال الطرف الآخر، كما في ثمة بحكم العقل.
وإن شئت قلت: إنه من قبيل الشبهة المحصورة التي جاز تناول أحد أطرافها لقيام أصل شرعي عليه، وتنظيره عليه أوفق، وإن كان حكمه لا يختلف ولا يخالف التي تلف بعض أطرافها بعد العلم الإجمالي، فإنه في المقام جاز مخالفة الفورية التي هي أحد طرفي الشبهة بحكم أصالة البراءة المحكوم بها عقلا وشرعا، لكنه جواز ارتكاب أحد الأطراف لا يوجب ارتفاع حكم العلم الإجمالي، بل يتعين الاحتياط في الطرف الآخر.
نعم لو قام أمارة معتبرة شرعا - على تعيين المعلوم الإجمالي وتخصيصه