ثم إنه ظهر مما حققنا إمكان التعبد بالفعل ثانيا على الوجه المذكور وجوبا - أيضا - لما عرفت من عدم توقفه على وجود أمر بالفعل أصلا، لا السابق ولا اللاحق، فيكون ذلك نظير سائر الأفعال والموضوعات الممكنة الوقوع قبل الأمر وبدونه أصلا، فيصح ورود أمر به مطلقا بأن يكون موضوع ذلك الأمر التعبد ثانيا بالفعل على الوجه المذكور.
هذا، ثم إن المنع إذا كان محققا في الفرد المتأخر فلا كلام، وإن كان محتملا فيمكن نفيه بالأصل فيه أو في سببه، فإن المعتبر في وقوع الفعل تعبدا ليس هو العلم بعدم المنع منه واقعا، بل يكفي إحرازه بالطرق والأمارات المعتبرة، أو الأصول كذلك. هذا.
إيقاظ: قد اعتبر - دام ظله - في مقام عدم المنع - الذي اعتبرناه - الإذن في الفعل، وليس بلازم كما لا يخفى، ثم إنه جعل دليل الإذن في إعادة الصلاة جماعة هو الأمر المتعلق بها في تلك الأخبار، وليس بجيد كما لا يخفى، فإنه إذا فرض توقف تحقق التعبد - الذي هو موضوع تلك الأخبار - على ثبوت الإذن مع فرض توقف ثبوته على نفس تلك الأخبار، فهذا مستلزم للدور كما لا يخفى.
الثاني: في الأوامر الواقعية الثانوية - وهي الملحوظ فيها عذر المكلف - ومصاديقها إنما هي أوامر أولي الأعذار على أظهر الاحتمالات فيها.
فالأولى النظر في تلك الأوامر، وتحقيق الحال على كل من الوجوه المحتملة في اعتبار الأعذار فيها، فنقول:
إن اعتبارها فيها يمكن بأحد الوجوه:
الأول:
أن تكون هي معتبرة على وجه الموضوعية لتلك الأوامر التي يلزمها انحصار المصلحة واقعا في متعلقات تلك الأوامر المتوجهة لأولي الأعذار حال كونهم كذلك، بحيث لا مقتضي واقعا في حقهم في تلك الحال لأمرهم بما أمر به المتمكن، وهذا يتصور على وجهين: