المعنى في الضمير وإرادته من اللفظ، واللازم لغير الغافل هو الأول، والمعتبر في الاستعمال هو الثاني، وهو غير لازم من البيان المذكور، والاشتباه إنما نشأ من الخلط بين الأمرين (). انتهى.
وكيف كان، فبهذا ظهر دفع غير الوجه الأول من جهة دعوى امتناع الاستعمال في القدر المشترك، حيث إن مبنى ما ذكره صاحب المعالم - قدس سره - إنما هو امتناع الانفكاك في الذهن، ومبنى الوجه الثاني إنما هو امتناعه في الخارج، وقد ظهر أنه لا يقضي شيء منهما بالامتناع، وأنه يجوز إفادة القدر المشترك وحده بالصيغة، غاية الأمر أنه إذا تعلق الغرض بإفادة إحدى الخصوصيتين أيضا - بأن يكون غرض الآمر الطلب على وجه الوجوب أو الندب، لا القدر المشترك وحده - يفيد الخصوصية بقرينة خارجية من لفظ آخر أو غير اللفظ، فيكون إفادة الطلب الخاص بدالين، فكذا لو سلمنا امتناع إيجاد القدر المشترك وحده، إذ غاية الأمر حينئذ أنه يوجد الطلب الشخصي المتفصل بإحدى الخصوصيتين بلفظين، إذ لا يلزم من ذلك امتناع إيجاده بهما.
وأما الجواب عما قررنا من وجه المنع.
فأولا - بأنه خلط بين المقامين فإن عدم الانفكاك في النفس غير إرادة الملزوم وحده من اللفظ، وقد عرفت منع الملازمة بينهما، غاية الأمر أنه يفاد الخصوصية من دال آخر، كما يفاد خصوصية الابتداء بذكر البصرة، وخصوصية الانتهاء بذكر الكوفة في قولك: (سرت من البصرة إلى الكوفة)، ولو لزم إفادة المراد بجميع خصوصياته من لفظ واحد لزم التجوز في جميع موارد إطلاق ألفاظ الكلي الموضوعة للكليات على أفرادها، وفساد التالي غني عن البيان.