في الآية المتأخرة عنه - وهي قوله تعالى: ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة إلى قوله: إلا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون () - ذلك أيضا، فإن الإنفاق وقطع الأودية أيضا من المقدمات الشاقة على النفس.
ثم إن الحال في مقدمات الحرام هي الحال في مقدمة الواجب، فلا يترتب على أنفسها () عقاب، وإنما هو على نفس الحرام، إلا أنه يشكل الأمر بناء على ما ذكره الشهيد () - قدس سره - من حرمة نية المعصية، إلا أنه قال بثبوت العفو عن النية المجردة عن المعصية أو عما يراه الشخص معصية.
وكيف كان، فهو قائل باستحقاق العقاب على نية المعصية وإن تجردت عنها، إذ العفو لا ينفي الاستحقاق، بل يثبته.
لكن يمكن أن يقال: بأن العزم على الحرام حرام نفسي كنفس الحرام، فيكون العقاب عليه على طبق القاعدة، فافهم، ولعله سيجيء تتمة الكلام فيه فيما بعد إن شاء الله تعالى.
إيقاظ: لا شبهة أن الأمر الغيري - وجوبيا كان أو ندبيا - لا يقضي بالتعبدية ورجحان الشيء في نفسه، وإنما يقضي بأن الغرض من الواجب الغيري أو الندب كذلك () هو التوصل به إلى ما هو مقدمة له، وأيضا مقتضى ما حققنا - من أن الواجب الغيري من جهة وجوبه الغيري لا يقع طاعة أصلا، وإنما هو من مقدمات إطاعة ما هو مقدمة له لا غير، وكذلك الندب الغيري - امتناع كون الواجب والندب الغيريين تعبديين من جهة الوجوب والندب الغيريين، إذ العبادة