تلك الأفراد الزمانية - أيضا - بعين ما مر في الغير الزمانية.
وإن شئت قلت: إنه لا ريب أنه ترك المكلف الفعل في جميع الأزمنة بجميع أفرادها إلا في زمان واحد فأوجد فردا منه في ذلك الزمان لصدق تحقق الفعل المنهي عنه قطعا، فلا يمكن صدق تركه - حينئذ - إلا باعتبار تقيده بغير ذلك الزمان، والمفروض عدم اعتبار ذلك التقيد في المقام، فيتوقف ترك الفعل المنهي عنه على تركه بجميع أفراده وفي جميع الزمان، فيكون النهي عن الفعل مستلزما عقلا للنهي عن جميع أفراده الزمانية وغيره، فيكون مستلزما للدوام لذلك.
نعم حال النهي بالنسبة إلى الأزمنة من حيث هي حال المطلقات بالنسبة إلى أفرادها، فلا يعم الأزمنة من جهة الزمانية، وإنما يعمها تبعا وتطفلا للأفراد الموجودة فيها، وذلك لأن انتفاء كل شيء إنما هو بانتفاء جميع ما يكون موجدا ومحصلا له، ولا ريب أن الزمان من حيث هو ليس محصلا للفعل، بل ظرف لحصوله، وإنما المحصل له هو الفرد المتحقق فيه، فلا يتوقف انتفاء الشيء على انتفاء الزمان، نعم هو ملازم للمحصل له وهو الفرد الواقع فيه.
ثم إن دلالة النهي عن ذلك ليس من جهة اقتضاء وضع المادة المعروضة للهيئة، لما عرفت أنها موضوعة للماهية المهملة الصالحة لاعتبارها على كل من الوجوه الثلاثة، كما عرفت أنا قلنا: إنها موضوعة لذات الشيء وحقيقته بعنوان اللا بشرط، الأعم من اللا بشرط في مقام الحكم، بل من جهة اقتضاء أخذ الطبيعة المدلول عليها بالمادة على الوجه الأول وإرادتها كذلك.
فالحاصل: من ذلك كله أن النهي من جهة إطلاق المادة الظاهر في أخذ الطبيعة المدلول عليها بالمادة على الوجه الأول ظاهر في الدوام كظهوره في عموم ترك جميع الأفراد في زمان، ودال عليه بالدلالة الالتزامية العقلية المسببة عن أخذ الطبيعة لا بشرط، كما أن الأمر ظاهر من جهة إطلاقها الظاهر في أخذ الطبيعة