والحاصل: أن الشروط الشرعية وإن كانت نفسها خارجة عن المأمور به، لكن تقيدها داخل فيه، فيستحيل وجوده بدونها كاستحالة وجوده بدون الشروط العقلية الصرفة، فإذا رجعت الشروط الشرعية إلى العقلية بطل () التفصيل المذكور.
ومن العجب أنه حكم على تقدير عدم وجوب الشرط بكون الآتي بالمأمور به بدونه آتيا بتمام المأمور به، لأن تقيده - كما عرفت - داخل فيه، فكيف يعقل كونه آتيا بتمام المأمور به بدون الإتيان بالشرط؟ فإن تماميته هو الفعل بوصف كونه مقرونا بالشرط الشرعي، فإذا لم يأت بالشرط ولو لم يكن واجبا كيف يعقل حصول تمام المأمور به؟ ولذا قلنا: كأنه جعل الشرط الشرعي أمرا مستقلا أجنبيا عن المأمور به، فكان الأولى أن يقول: لا سبيل إلى الأول، لا إلى الثاني. هذا.
ثم إنه لا بأس بذكر عدة من أدلة النافين بوجوب المقدمة مطلقا، فنقول:
منها: دعوى صحة التصريح بجواز تركها.
وفيه ما عرفت.
ومنها: أنها لو كانت واجبة لوصل إلينا على وجه العلم بتواتر ونحوه، لتوفر الدواعي وعموم البلوى ولم يصل إلينا ظنا فضلا عن العلم به.
وفيه: أن وجوبها مما يدعى كونه ضروريا، بل لعله كذلك، فيكون غنيا عن البيان.
وما ترى من وقوع الخلاف فيه لا ينافي ذلك لوقوع مثله كثيرا في مثله، بل في ما [هو] أوضح منه.
هذا، مع أن الخلاف قد نشأ من المتأخرين، وإلا فذلك من المسلمات عند