[في الفور والتراخي] قاعدة: اختلفوا في دلالة الأمر على الفور أو على التراخي على أقوال:
ثالثها: عدم دلالته على خصوص شيء منهما، بل إنما يدل على مجرد طلب الطبيعة مع السكوت عن شيء من الأمرين.
وتحقيق الكلام فيها يقتضي رسم أمور:
الأول: () أن مرادهم بدلالة الأمر إنما هو اقتضاؤه ولو من غير جهة ظهوره وضعا أو انصرافا، فضلا عن كونه من جهة الوضع.
والشاهد ما يأتيك من حجج الطرفين من القائلين بالفور أو التراخي، حيث إنهم احتجوا على ما صاروا إليه بالأصول العملية كالبراءة والاستصحاب والاحتياط - أيضا - وليس ذلك إلا لأجل أن مدعاهم إثبات الاقتضاء في الجملة، ولو من غير جهة دلالة اللفظ وظهوره أيضا وإن احتجوا به أيضا، فغرض المثبتين لأحد الأمرين إثبات الاقتضاء لما صاروا إليه بأحد الوجوه من دلالة اللفظ وضعا أو انصرافا ومن الأصول العملية، ويكفيه واحد منها لو تم، وعلى النافي إبطال جميعها، إذ مع سلامة بعضها فهو كاف في غرض المستدل.
فعلى هذا فلا يختص النزاع بصيغة الأمر، بل يعم كل ما دل على الوجوب، بل الأمور اللبية أيضا كالإجماع، والعقل، والتواتر المعنوي، إلا أن بعض الوجوه المحتج بها في المقام لا يثمر في اللبيات، إذ لا لفظ فيها يتمسك بظهوره على المدعى.