اللون عن ذي الطعم والرائحة إنما هو في الدم، إذ ليس فيه طعم ورائحة فاحشين على وجه يستدعي استناد التغير إليهما، بل الغالب فيه التغير اللوني.
فحينئذ إما أن يقال: بأنه كالمتغير في سائر الصفات غير الثلاثة من الحرارة والبرودة ونحوهما فلا حكم له في إيراث النجاسة، أو أن الشارع قد أهمل فيه حيث لم يتعرض لذكره فيما بين أقسام ما يوجب نجاسة الماء من التغير، ولا يصغى إلى شئ من ذلك، مع منافاته لدعوى الملازمة.
وأما ما قرره السيد من الأولوية فهو أهون من الملازمة المدعاة، إما لمنع أصل الأولوية، أو لمنع اعتبارها لكونها ظنية، وذلك لأنه لو أراد بكون تغير اللون أظهر في الانفعال كونه أظهر في نظر الحس.
ففيه: أن الانفعال مما لا يدرك بالحس، إلا أن يراد به الانفعال الوصفي، فيدفعه: أنه ليس بأظهر من انفعال الرائحة بل الطعم أيضا، ولو أراد به كونه أظهر في نظر العقل، فمع أنه ممنوع لا عبرة به، لعدم جزم العقل به فيكون ظنيا، وهو لا يوجب إلا أولوية ظنية وهو كما ترى، ولو أراد به كونه كذلك في نظر الشرع فهو أوضح فسادا، بملاحظة أن الشرع ليس فيه ما يقضي بذلك أصلا.
وأما الطعن في النبوي فقد اجيب عنه: بأن غير الصحيح قد تبلغ بالجبر مرتبة الصحيح، وقد يقرر ذلك: بانجباره بالإجماع والشهرة والإجماعات المحكية، وأنت إذا تأملت في عباراتهم لوجدتها مملوة من الإشارة إلى ذلك.
ويشكل ذلك كله: بأن الشبهة إذا كانت في السند فالإجماع والشهرة لا يجديان في جبران ضعفه إلا في موضع الاستناد، على معنى كون ما شك في سنده مستندا للمجمعين أو المعظم، فإن استنادهم إليه يكشف عن سلامة سنده في الواقع، ولو بأن يبلغهم من الخارج ما أفادهم الوثوق به، ولم يظهر منهم ما يقضي بذلك، بل نرى كلام كثير منهم خاليا عن ذكر هذا الحديث والاستناد إليه.
نعم غاية ما يترتب على هذه الامور أنها تكشف عن صدق المضمون ومطابقته للواقع، وهو كما ترى ليس من تصحيح السند في شئ، ولا رفع الشبهة المذكورة.