وعن الشيخ في الخلاف (1) من أنه يشترط في تطهير الكر الورود، وأنت بعد التأمل في ما تقدم من عباراتهم المصرحة بعدم الفرق أو الظاهرة فيه تعرف أن هذا الاستظهار ليس في محله، كيف والمقصود من هذه العبارات إفادة اعتبار القيد من الكرية والدفعة دون المقيد، كما يرشد إليه ورود بعضها في رد الشافعي القائل بكفاية النبع، ومعه فلو بني على الأخذ بمثل هذا الظهور - بعد الغض عما ينافيه مما ذكر - لاتجه اعتبار امور اخر غير الاستعلاء التي منها قصد التطهير، لكون الإلقاء من الأفعال الاختيارية المنوطة بالقصد والنية، وهو كما ترى.
ولذا قد يقال - في توجيه التعبير بالإلقاء والوقوع والورود -: من أنه إنما وقع من جهة أن الغالب في تطهير المياه القليلة الباقية في الحياض المنفعلة بالملاقاة كون المطهر ماء خارجيا.
وقد يوجه أيضا: بأن مراد من وقعت منه مثل هذه العبارات إنما هو في مقابلة الشيخ القائل بكفاية التطهير بالنبع من تحت.
وفيه: إن اريد بالنبع ما يكون من الأرض على حد ما في الجاري فقد عرفت من عبارة الخلاف المتقدمة (2) أن الشيخ أيضا لا يقول بالاكتفاء به، وإن اريد به وصل الكثير إليه من قعره فقد تبين أنه لا يخالفه غيره كالمحقق والعلامة في الاكتفاء به.
ويشهد بما ذكرناه من عدم اعتبارهم ظهور الألفاظ المذكورة هنا - مضافا إلى ما تقدم - إطلاق الاتفاق الذي ادعاه العلامة في المنتهى في مسألة الغديرين الموصول بينهما بساقية عند دفع كلام المحقق المصرح بعدم كفاية مجرد الاتصال في التطهير.
نعم، ربما يظهر عن عبارة الشيخ في الخلاف المعبرة باشتراط الورود توقف الطهر على ورود المطهر، فلو عكس بإيراد المتنجس على الكر الطاهر لم يؤثر في الطهر، وقضية إطلاق الآخرين عدم الفرق وهو الأقرب أخذا بالملازمة الثالثة المتقدم ذكرها، المنوطة بصدق الوحدة الحاصلة في صورة العكس أيضا، بل حصولها فيه أظهر وأبين كما لا يخفى، إلا أن يكون ذلك في نظره شرطا تعبديا كالكرية، غير أنه يحتاج إلى دليل.
ويظهر الثمرة فيما لو ألقي الماء النجس في الكثير فيطهر على ما ذكرناه، من غير فرق