خلافها مرسلة أبي يحيى الواسطي، وكيف كان فعنه في المعتبر القول: " بأنه لا يغتسل بغسالة الحمام، إلا أن يعلم خلوها من النجاسة " (1)، وبه صرح في النافع (2) بعين تلك العبارة وعن العلامة في القواعد (3) نحوه.
وقضية الاستثناء في كلاميهما أنهما يقولان بالنجاسة في غير صورة العلم بالخلو عنها، حتى مع الشك في الخلو وعدمه، كما أن مقتضى ما عرفت عن الشيخ والحلي أنهما يقولان بالنجاسة مطلقا حتى مع العلم بالخلو ولكن يبطله: أن الحكم بالنجاسة بلا علة داعية إليه - وهي الملاقاة - مما لا يحوم حوله الجاهل، فضلا عن الفقيه الكامل، فلابد من تنزيل إطلاق كلاميهما على غير صورة العلم بالخلو عن الملاقاة، فيرجع قولاهما إلى قولي المعتبر والقواعد.
وأما ما عرفت عن المحقق فلا يخلو عن إجمال، من حيث إنه خص المنع بالتطهير، فلو أن الجهة هي النجاسة لم يتفاوت الحال بينه وبين سائر أنواع الاستعمال، إلا أن يحمل على إرادة المثال لنكتة تأدية المطلب بلفظ الرواية تيمنا.
نعم، يبقى الكلام في تعليله، فلو أراد بما ذكره القضية الدائمة، بدعوى: دوام اتفاق اجتماع غسالة اليهودي وغيره في غسالة الحمام، فهو مما يكذبه الضرورة، ولو أراد به القضية الغالبة، بدعوى: غلبة ذلك فيها بحكم العادة، فهو أيضا بالنسبة إلى هذا الصنف غير مسلم في غالب الحمامات، ولا سيما أعصارنا هذه، وبالنسبة إلى نوع النجاسة غير بعيد، غير أن الكلام حينئذ يبقى في مستند الحكم، وسيتضح منع وجوده، كما يتضح عدم دلالة رواية العلل عليه، وعلى أي تقدير فلو كان مراده القضية الاولى كان قوله مغايرا لقول الشيخ والحلي والمعتبر والقواعد، لاختصاصه بصورة العلم بالملاقاة، غاية الأمر يحصل بينه وبينهم خلاف في الصغرى، ولو كان مراده الثانية رجع قوله إلى قولهم.
فتلخص من جميع ما ذكر: أن صورة العلم بالخلو عن ملاقاة النجاسة خارجة عن معقد هذه المسألة، وأما الصورتان الباقيتان فكون إحداهما وهي صورة العلم بملاقاة النجاسة من معقد هذه المسألة محل شبهة، حيث قد عرفت أنه لا مصرح بالنسبة إليها بالطهارة عدا ما كان يوهمه ظاهر عبارة العلامة في المنتهى، وقد عرفت ما فيه من