وفيما ذكره (1) المحقق من الوجه الثاني دلالة على أن مذهبه ليس وجوب دفع الخراج والمقاسمة إلى خصوص الجائر وجواز منعه عنه، وإن نقل بعد (2) عن مشايخه في كلامه المتقدم (3) ما يظهر منه خلاف ذلك، لكن يمكن - بل لا يبعد - أن يكون مراد مشايخه: المنع عن سرقة الخراج أو جحوده رأسا حتى عن نائب العادل، لا منعه عن خصوص الجائر مع دفعه إلى نائب العادل أو صرفه حسبة في وجوه بيت المال، كما يشهد لذلك تعليل المنع بكونه حقا واجبا عليه، فإن وجوبه عليه إنما يقتضي حرمة منعه رأسا، لا عن خصوص الجائر، لأنه ليس حقا واجبا له.
ولعل ما ذكرناه هو مراد المحقق، حيث نقل هذا المذهب عن مشايخه رحمهم الله بعدما ذكره من التوجيه المتقدم بلا فصل من دون إشعار بمخالفته لذلك الوجه (4).
ومما يؤيد ذلك: أن المحقق المذكور بعدما ذكر أن هذا - يعني حل ما يأخذه الجائر من الخراج والمقاسمة - مما وردت به النصوص وأجمع عليه الأصحاب، بل المسلمون قاطبة، قال:
فإن قلت: فهل يجوز أن يتولى من له النيابة حال الغيبة ذلك،