الإخلاص.
وفيه - مضافا إلى اقتضاء ذلك، الفرق بين الإجارة والجعالة، حيث إن الجعالة لا توجب العمل على العامل - (1) أنه إن أريد أن تضاعف الوجوب يؤكد اشتراط الاخلاص، فلا ريب أن الوجوب الحاصل بالإجارة توصلي لا يشترط في حصول ما وجب به قصد القربة، مع أن غرض المستدل منافاة قصد أخذ المال لتحقق الاخلاص في العمل، لا لاعتباره في وجوبه.
وإن أريد أنه يؤكد تحقق الاخلاص من العامل، فهو مخالف للواقع قطعا، لأن ما لا يترتب عليه أجر دنيوي أخلص مما يترتب عليه ذلك بحكم الوجدان.
هذا، مع أن الوجوب الناشئ من الإجارة إنما يتعلق بالوفاء بعقد الإجارة، ومقتضى الاخلاص المعتبر في ترتب الثواب على موافقة هذا الأمر - ولو لم (2) يعتبر في سقوطه - هو إتيان الفعل من حيث استحقاق المستأجر له (3) بإزاء ماله، فهذا المعنى ينافي وجوب إتيان العبادة لأجل استحقاقه تعالى إياه، ولذا لو لم يكن هذا العقد واجب الوفاء - كما في الجعالة - لم يمكن قصد الإخلاص مع قصد استحقاق العوض، فلا إخلاص هنا حتى يؤكده وجوب الوفاء بعد الإيجاب بالإجارة، فالمانع حقيقة هو عدم القدرة على إيجاد الفعل الصحيح بإزاء العوض،