كتاب الطهارة (ط.ق) - الشيخ الأنصاري - ج ٢ - الصفحة ٤٠٨
عودها بالتوبة تعبدي بل سيجيئ ان الندم على المعصية عقيب صدورها يعيد الحالة السابقة وهي الملكة المتصفة بالمنع إذ لا فرق حقيقة بين من يمنعه ملكته عن ارتكاب المعصية وبين من توجب عليه تلك الملكة الندم على ما مضى منه فحالة الندم بعينها هي الحالة المانعة فعلا لان الشخص حين الندم على المعصية من حيث إنها معصية كما هو معنى التوبة يمتنع صدور المعصية منه فالشخص النادم متصف بالملكة المانعة فعلا بخلاف من لم يندم فت؟ ومنها ان ما اشتهر بينهم من تقديم الجارح على المعدل عند التعارض لا يتأتى الا على القول بان العدالة هي حسن الظ؟ واما على القول بأنها الملكة فلا يتجه لان المعدل انما ينطق عن علم حصل له بعد طول المعاشرة والاختبار أو بعد الجهد في تتبع الآثار فيبعد صدور الخطأ منه ويرشد إلى ذلك تعليلهم تقديم الجرح بانا إذا أخذنا بقول الجارح فقد صدقناه وصدقنا المعدل لأنه لا مانع من وقوع ما يوجب الجرح والتعديل بان يكون كل منهما اطلع على ما يوجب أحدهما وأنت خبير بان المعدل على القول بالملكة انما يخبر عن علم بالملكة وما هو عليه في نفس الامر والواقع ففي تقديم الجرح ح؟ وتصديقهما معا جمع بين النقيضين فت؟ والجواب ان عدم الكبيرة مأخوذ في العدالة اجماعا على ما تقدم إما لكونه قيدا للملكة على ما اخترناه واما لاخذه في العدالة بدليل الاجماع والنص كيف ولو لم يكن مأخوذة لم يكن الجارح معارضا له أصلا وكيف كان فاعتماد المعدل على هذا الامر العدمي المأخوذ في تحقق العدالة ليس الا على أصالة العدم أو أصالة الصحة أو قيام الاجماع على أن العلم بالملكة المجردة طريق ظاهري للحكم بتحقق ذلك الامر العدمي (والحاصل ان الاجماع منعقد بل النص على أنه يكفي في الشهادة على العدالة بعد العلم بالملكة أو حسن الظاهر على الخلاف في معناها عدم العلم بصدور الكبيرة عنه ولا يعتبر علمه أو ظنه بأنه لم يصدر عنه كبيرة إلى زمان أداء الشهادة وعلى هذا فاحد جزئي الشهادة وهو تحقق ذلك الامر العدمي صح متن) ثابت بالطريق الظاهري وهو مستند شهادته ومن المعلوم ان شهادة الجارح حاكمة على هذا الطريق الظاهري فان تعارضهما انما هو باعتبار تحقق هذا الامر وعدم تحققه والا فلعل الجارح (ايض‍) لا ينكر الملكة بل يعترف بها في متن الشهادة فالمقام على ما اخترناه من اخذ الاجتناب عن الكبيرة قيدا للملكة نظير شهادة إحدى البنيتين على أنه ملكه قد اشتراه من المدعى تعويلا على أصالة صحة الشراء و شهادة البينة الأخرى انه ملك للاخر مستندا إلى فساد ذلك الشراء لوجود مانع من موانع الصحة وعلى القول بكونه مزيلا للعدالة بالدليل الخارجي يكون نظير شهادة إحديهما بملكه لأحدهما وشهادة الأخرى بانتقاله عنه إلى الأخر فالمعدل يقول إنه ذو ملكة لم اطلع على صدور كبيرة منه والجارح يقول قد اطلعت على صدور المعصية الفلانية فشهادة المعدل مركبة من أمر وجودي وعدمي وشهادة الجرح يدل على انتفاء ذلك الامر العدمي فالتعارض انما هو في الجزء الأخير ومن المعلوم كونهما من قبيل النافي والمثبت نعم لو اعتبرنا في التعديل الظن بعدم صدور الكبيرة كان التعارض على وجه لا يمكن الجمع فلا بد إما من ترجيح الجارح لاستناده إلى القطع الحسى بخلاف المعدل فإنه مستند إلى الظن الحدسي واما من التوقف عن الحكم بالعدالة والفسق والرجوع إلى الأصل كما أنه لو اعتبر في التعديل العلم أو الظن بكون الشخص بحيث لو فرض صدور كبيرة عنه بادر إلى التوبة البتة كان المناسب تقديم المعدل لان غاية الجرح صدور المعصية لكن المعدل يظن أو يعلم بصدور التوبة عقيب المعصية على فرض صدورها فكان الجارح مستند في تفسيقه إلى صدور الكبيرة وعدم العلم بالمزيل وهو التوبة والمعدل وان لم يشهد بعدم صدور المعصية الا انه يشهد بالتوبة على فرض صدور المعصية ومنها ما ذكره في مفتاح الكرامة من اطباق الأصحاب الا السيد والإسكافي على صحة صلاة من صلى خلف من تبين كفره أو فسقه وبه نطقت الاخبار أقول لم افهم وجه منافاة هذا الحكم لكون العدالة هي الملكة دون حسن الظ؟ ولم لا يجوز ان يكون العدالة كالاسلام أمرا واقعيا يستدل عليه بالآثار الظاهرة ويعتمد فيه عليها فإذا تبين الخطأ بعد ترتيب الأثر (يحكم الشارع بمضي تلك الآثار صح) وعدم انتقاضها فان قلت مقتضى ظهور الأدلة في كون العدالة شرطا واقعيا بانضمام ما دل على صحة الصلاة مع ثبوت الفسق ان يكون العدالة أمرا ظاهريا غير قابل لانكشاف الخلاف لا الملكة الواقعية والا لوجب إما صرف أدلة اشتراط تحققها في الواقع عن ظاهرها وجعلها من الشروط العلمية واما ابقائها على ظاهرها من كونها شرطا واقعيا وصرف أدلة كون العدالة الواقعية شرطا في صحة الصلاة الخالية عن الفاتحة وغيرها من خواص المنفرد إلى كونها شرطا علميا وكلاهما مخالفان للأصل قلت أو لا انه قد تقدم انه لا يمكن ان يكون العدالة أمرا ظاهريا مثل حسن الظ؟ ونحوه مع كون الفسق أمرا واقعيا والا خرجا عن التضاد لاجتماعهما ح؟ فيمن حسن ظاهره وفرض فاسقا في الواقع مع أن تضادهما من بديهيات العرف فإنهم لا يحكمون بحدوث الفسق من حين الاطلاع على قبح الامام بل يقولون إنه تبين فسقه ولذا عبروا في المسألة المتقدمة بقولهم إذا تبين فسق الامام وثانيا انه لو سلمنا امكان تعقله من كون نفس العدالة الواقعية حسن الظاهر وان فرض فسقه واقعا لكن نقول إن الحكم بالصحة لا يدل على عدم كونها هي الملكة ولو بضميمة أدلة اشتراطها في كونها شرطا واقعيا لان الدليل على اشتراط العدالة إما الاجماع واما الأخبار المتقدمة إما الاجماع فهو انما حصل بانضمام فتوى القائلين بالملكة ومعلوم انهم يجعلونها شرطا علميا نعم أرباب حسن الظ؟ يجعلونه شرطا واقعيا هذا كله مع أن معقد اجماع المعتبر هو اعتبار ظهور العدالة لا اعتبار نفسها قال ظهور العدالة
(٤٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 403 404 405 406 407 408 409 410 411 412 413 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في غسل الأموات 275
2 في وجوب توجيه الميت إلى القبلة عند الاحتضار 278
3 في كيفية غسل الميت 288
4 في كيفية تكفين الميت 296
5 في دفن الأموات 315
6 في مس الميت 318
7 في غسل الجمعة 321
8 في الأغسال المستحبة 325
9 في النجاسات 335
10 في البول والغائط 336
11 في المني من كل حيوان ذي نفس سائلة 338
12 في احكام الميتة 339
13 في احكام الدم المسفوح 344
14 في احكام الكلب والخنزير 346
15 في الكافر بجميع أقسامه 348
16 في حكم المخالف لأهل الحق 351
17 في المسكرات المائعة 359
18 في حكم الفقاع 367
19 في العفو عن الدم في ما دون الدرهم 373
20 في ما لا يتم الصلاة فيه 375
21 في بول الرضيع 378
22 فيما تجففه الشمس 381
23 فيما أحالته النار 382
24 في أن الأرض تطهر باطن النعل والقدم 383
25 في الانقلاب 385
26 في الاسلام 388
27 في انتقال النجاسة 390
28 في أواني الذهب والفضة 391
29 في ولوغ الكلب 394
30 في العدالة 402
31 في القضاء عن الميت 415
32 في المواسعة والمضايقة 424
33 في قاعدة من ملك شيئا ملك الاقرار به 447
34 في قاعدة نفي الضرر 452
35 كتاب الزكاة في شرائط وجوب الزكاة وأنه لا زكاة على الطفل 458
36 في أنه لا زكاة على المملوك 462
37 في أنه لا زكاة في المغصوب 464
38 في أنه لا زكاة في الوقف 465
39 في اعتبار البلوغ في زكاة النقدين 471
40 في أنه لا زكاة في مال العبد 472
41 الأقوال في ملكية العبد 475
42 في زكاة الدين 477
43 في اعتبار السوم في زكاة الأنعام 480
44 في حول السخال 483
45 في جواز اخراج القيمة عن العين في زكاة الغلات والنقدين 485
46 في زكاة مال التجارة 494
47 في شروط الزكاة في مال التجارة 495
48 في حرمة زكاة غير الهاشمي على الهاشمي 510
49 في متولي اخراج الزكاة 512
50 في حرمة نقل الزكاة من بلد إلى بلد آخر 513
51 في زكاة الفطرة 517
52 في وقت زكاة الفطرة 521
53 كتاب الخمس 525
54 في اختلاط مال الحلال بالحرام واحكامه 540
55 في بيان المراد بذي القربى 546
56 في الأنفال 553
57 كتاب الصوم وبيان معناه لغة وشرعا واحكامه وشرائط 572