عودها بالتوبة تعبدي بل سيجيئ ان الندم على المعصية عقيب صدورها يعيد الحالة السابقة وهي الملكة المتصفة بالمنع إذ لا فرق حقيقة بين من يمنعه ملكته عن ارتكاب المعصية وبين من توجب عليه تلك الملكة الندم على ما مضى منه فحالة الندم بعينها هي الحالة المانعة فعلا لان الشخص حين الندم على المعصية من حيث إنها معصية كما هو معنى التوبة يمتنع صدور المعصية منه فالشخص النادم متصف بالملكة المانعة فعلا بخلاف من لم يندم فت؟ ومنها ان ما اشتهر بينهم من تقديم الجارح على المعدل عند التعارض لا يتأتى الا على القول بان العدالة هي حسن الظ؟ واما على القول بأنها الملكة فلا يتجه لان المعدل انما ينطق عن علم حصل له بعد طول المعاشرة والاختبار أو بعد الجهد في تتبع الآثار فيبعد صدور الخطأ منه ويرشد إلى ذلك تعليلهم تقديم الجرح بانا إذا أخذنا بقول الجارح فقد صدقناه وصدقنا المعدل لأنه لا مانع من وقوع ما يوجب الجرح والتعديل بان يكون كل منهما اطلع على ما يوجب أحدهما وأنت خبير بان المعدل على القول بالملكة انما يخبر عن علم بالملكة وما هو عليه في نفس الامر والواقع ففي تقديم الجرح ح؟ وتصديقهما معا جمع بين النقيضين فت؟ والجواب ان عدم الكبيرة مأخوذ في العدالة اجماعا على ما تقدم إما لكونه قيدا للملكة على ما اخترناه واما لاخذه في العدالة بدليل الاجماع والنص كيف ولو لم يكن مأخوذة لم يكن الجارح معارضا له أصلا وكيف كان فاعتماد المعدل على هذا الامر العدمي المأخوذ في تحقق العدالة ليس الا على أصالة العدم أو أصالة الصحة أو قيام الاجماع على أن العلم بالملكة المجردة طريق ظاهري للحكم بتحقق ذلك الامر العدمي (والحاصل ان الاجماع منعقد بل النص على أنه يكفي في الشهادة على العدالة بعد العلم بالملكة أو حسن الظاهر على الخلاف في معناها عدم العلم بصدور الكبيرة عنه ولا يعتبر علمه أو ظنه بأنه لم يصدر عنه كبيرة إلى زمان أداء الشهادة وعلى هذا فاحد جزئي الشهادة وهو تحقق ذلك الامر العدمي صح متن) ثابت بالطريق الظاهري وهو مستند شهادته ومن المعلوم ان شهادة الجارح حاكمة على هذا الطريق الظاهري فان تعارضهما انما هو باعتبار تحقق هذا الامر وعدم تحققه والا فلعل الجارح (ايض) لا ينكر الملكة بل يعترف بها في متن الشهادة فالمقام على ما اخترناه من اخذ الاجتناب عن الكبيرة قيدا للملكة نظير شهادة إحدى البنيتين على أنه ملكه قد اشتراه من المدعى تعويلا على أصالة صحة الشراء و شهادة البينة الأخرى انه ملك للاخر مستندا إلى فساد ذلك الشراء لوجود مانع من موانع الصحة وعلى القول بكونه مزيلا للعدالة بالدليل الخارجي يكون نظير شهادة إحديهما بملكه لأحدهما وشهادة الأخرى بانتقاله عنه إلى الأخر فالمعدل يقول إنه ذو ملكة لم اطلع على صدور كبيرة منه والجارح يقول قد اطلعت على صدور المعصية الفلانية فشهادة المعدل مركبة من أمر وجودي وعدمي وشهادة الجرح يدل على انتفاء ذلك الامر العدمي فالتعارض انما هو في الجزء الأخير ومن المعلوم كونهما من قبيل النافي والمثبت نعم لو اعتبرنا في التعديل الظن بعدم صدور الكبيرة كان التعارض على وجه لا يمكن الجمع فلا بد إما من ترجيح الجارح لاستناده إلى القطع الحسى بخلاف المعدل فإنه مستند إلى الظن الحدسي واما من التوقف عن الحكم بالعدالة والفسق والرجوع إلى الأصل كما أنه لو اعتبر في التعديل العلم أو الظن بكون الشخص بحيث لو فرض صدور كبيرة عنه بادر إلى التوبة البتة كان المناسب تقديم المعدل لان غاية الجرح صدور المعصية لكن المعدل يظن أو يعلم بصدور التوبة عقيب المعصية على فرض صدورها فكان الجارح مستند في تفسيقه إلى صدور الكبيرة وعدم العلم بالمزيل وهو التوبة والمعدل وان لم يشهد بعدم صدور المعصية الا انه يشهد بالتوبة على فرض صدور المعصية ومنها ما ذكره في مفتاح الكرامة من اطباق الأصحاب الا السيد والإسكافي على صحة صلاة من صلى خلف من تبين كفره أو فسقه وبه نطقت الاخبار أقول لم افهم وجه منافاة هذا الحكم لكون العدالة هي الملكة دون حسن الظ؟ ولم لا يجوز ان يكون العدالة كالاسلام أمرا واقعيا يستدل عليه بالآثار الظاهرة ويعتمد فيه عليها فإذا تبين الخطأ بعد ترتيب الأثر (يحكم الشارع بمضي تلك الآثار صح) وعدم انتقاضها فان قلت مقتضى ظهور الأدلة في كون العدالة شرطا واقعيا بانضمام ما دل على صحة الصلاة مع ثبوت الفسق ان يكون العدالة أمرا ظاهريا غير قابل لانكشاف الخلاف لا الملكة الواقعية والا لوجب إما صرف أدلة اشتراط تحققها في الواقع عن ظاهرها وجعلها من الشروط العلمية واما ابقائها على ظاهرها من كونها شرطا واقعيا وصرف أدلة كون العدالة الواقعية شرطا في صحة الصلاة الخالية عن الفاتحة وغيرها من خواص المنفرد إلى كونها شرطا علميا وكلاهما مخالفان للأصل قلت أو لا انه قد تقدم انه لا يمكن ان يكون العدالة أمرا ظاهريا مثل حسن الظ؟ ونحوه مع كون الفسق أمرا واقعيا والا خرجا عن التضاد لاجتماعهما ح؟ فيمن حسن ظاهره وفرض فاسقا في الواقع مع أن تضادهما من بديهيات العرف فإنهم لا يحكمون بحدوث الفسق من حين الاطلاع على قبح الامام بل يقولون إنه تبين فسقه ولذا عبروا في المسألة المتقدمة بقولهم إذا تبين فسق الامام وثانيا انه لو سلمنا امكان تعقله من كون نفس العدالة الواقعية حسن الظاهر وان فرض فسقه واقعا لكن نقول إن الحكم بالصحة لا يدل على عدم كونها هي الملكة ولو بضميمة أدلة اشتراطها في كونها شرطا واقعيا لان الدليل على اشتراط العدالة إما الاجماع واما الأخبار المتقدمة إما الاجماع فهو انما حصل بانضمام فتوى القائلين بالملكة ومعلوم انهم يجعلونها شرطا علميا نعم أرباب حسن الظ؟ يجعلونه شرطا واقعيا هذا كله مع أن معقد اجماع المعتبر هو اعتبار ظهور العدالة لا اعتبار نفسها قال ظهور العدالة
(٤٠٨)