العمل والحاصل ان المراد بالاحلال رفع المنع الثابت فيها لولا التقية في كل ممنوع بحسب حاله من التحريم النفسي كشرب الخمر والتحريم الغيري كالتكفير في الصلاة والمسح على حائل أو استعمال ماء نجس أو مضاف في الوضوء فان قلت الاضطرار إلى هذه الأمور الممنوعة تابع للاضطرار إلى الصلاة التي يقع هذه فيها وحينئذ فان فرض عدم اضطرار المكلف إلى الصلاة مع أحد هذه الأمور الممنوعة فهى غير مضطر إليها فلا يرخصها التقية وان فرض اضطراره إلى الصلاة معها فهى مرخص فيها لكن يرجع الترخص فيها بملاحظة ما دل على كونها مبطلة إلى الترخص في صلاة باطلة ولا باس به إذا اقتضاه الضرورة فان الصلاة الباطلة ليس أولي من شرب الخمر الذي سوغه التقية قلت لا نسلم توقف الاضطرار إلى هذه الأمور على الاضطرار إلى الصلاة التي يقع فيها بل الظاهر أنه يكفي في صدق الاضطرار إليه كونه لابد امن؟ فعله مع وصف إرادة الصلاة في تلك الوقت لا مطلقا نظير ذلك انهم يعدون من أولي الأعذار من لا يتمكن من شرط الصلاة في أول الوقت مع العلم أو الظن بتمكنه منه في ما بعده فان تحقق الاضطرار ثبت الجواز الذي هو رفع المنع الثابت فيه حال عدم التقية وهو الغيري ومنها ما رواه في أصول الكافي بسنده عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال التقية في كل شئ الا في شرب المسكر والمسح على الخفين دلت الرواية على ثبوت التقية ومشروعيتها في كل شئ ممنوع لولا التقية إلا في الفعلين المذكورين فاستثناء المسح على الخفين مع كون المنع فيه عند عدم التقية منعا غيريا دليل على عموم الشئ لكل ما بشبهه من الممنوعات لأجل التوصل بتركها إلى صحة العمل فدل على رفع التقية لمثل هذا المنع الغيري وتأثيرها في ارتفاع اثر ذلك الممنوع منه فيدل على أن التقية ثابتة في التكفير في الصلاة مثلا بمعنى عدم كونه ممنوعا عليه فيها عند التقية وكذا في غسل الرجلين واستعمال النبيذ في الوضوء ونحوهما وفى معنى هذه الرواية روايات أخر واردة في هذا الباب مثل قوله (ع) ثلثة لا اتقى فيهن أحدا المسح على الخفين وشرب النبيذ ومتعة الحج فان معناه ثبوت التقية فيما عدا الثلث من الأمور الممنوعة في الشريعة ورفعها للمنع الثابت فيها بحالها من المنع النفسي والغيري كما تقدم ثم إن مخالفة ظاهر المستثنى في هذه الروايات لما أجمع عليه من ثبوت التقية في المسح على الخفين وشرب النبيذ لا يقدح فيما نحن بصدده لان ما ذكرنا في تقريب دلالتها على المطلوب؟ لا يتفاوت الحال فيه بين ابقاء الاستثناء على ظاهره أو حمله على بعض المحامل مثل اختصاص الاستثناء بنفس الإمام (ع) كما يظهر من الرواية المذكورة وتفسير الراوي في بعضها الأخر أو التنبيه على عدم تحقق التقية فيها لوجود المندوحة أو لموافقة بعض الصحابة أو التابعين على المنع من هذه الأمور إلى غير ذلك من المحامل الغير القادحة في استدلالنا المتقدم ومنها موثقة سماعة عن الرجل يصلى فدخل الامام وقد صلى الرجل ركعة من صلاة فريضة فقال إن كان إماما عادلا فليصل أخرى وينصرف ويجعلها تطوعا وليدخل مع الامام في صلاته كما هو وان لم يكن امام عدل فليبن على صلاته كما هو ويصلى ركعة أخرى ويجلس قدر ما يقول اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده و رسوله ثم يتم صلاته معه على ما استطاع فان التقية واسعة وليس الا وصاحبها مأجور عليها انشاء الله فان الامر باتمام الصلاة على ما استطاع مع عدم الاضطرار إلى فعل الفريضة في ذلك الوقت معللا بان التقية واسعة يدل على جواز أداء الصلاة في سعة الوقت على جميع وجوه التقية بل على جواز كل عمل على وجه التقية وان لم يضطر إلى ذلك العمل لتمكنه من تأخره إلى وقت الامن ومنها قوله (ع) في موثقة مسعد بن صدقه وتفسير ما يتقى فيه ان يكون قوم سوء ظاهر حكمهم وفعلهم على خلاف حكم الحق وفعله فكل شئ يعمله المؤمن منهم لمكان التقية مما لا يؤدى إلى فساد الدين فهو جائز بناء على أن المراد بالجواز في كل شئ بالقياس إلى المنع المتحقق فيه لولا التقية فيصدق على التكفير في الصلاة الذي يفعله المصلى (في محل التقية انه جايز وغير ممنوع عنه بالمنع الثابت فيه لولا التقية ودعوى ان الداعي على التكفير ليس التقية لامكان التحرز عن الخوف بترك الصلاة في هذا الجزء من الوقت فلا يكون عمل التكفير لمكان التقية مدفوعة بنظير ما عرفت في الرواية الأولى في؟ انه يصدق على المصلى صح من) انه يكفر لمكان التقية وان قدر على ترك الصلاة ومنها قوله (ع) في رواية أبى الصباح ما صنعتم من شئ أو حلفتم عليه من يمين في تقية فأنتم منه في سعة فيدل على أن المتقى في سعة من الجزء والشرط المتروكين تقية ولا يترتب عليه من جهتهما تكليف بالإعادة والقضاء نظير قوله (ع) الناس في سعة ما لم يعلموا بناء على شموله لما لم يعلم جزئيته أو شرطيته كما هو الحق الثاني انه لا ريب في تحقق التقية مع الخوف الشخصي بان يخاف على نفسه أو غيره من ترك التقية في خصوص ذلك العمل ولا يبعد ان يكتفى بالخوف من بنائه على ترك التقية في سائر أعماله أو بناء سائر الشيعة على تركها في العمل الخاص أو مطلق العمل النوعي في بلاد المخالفين وان لم يحصل للشخص بالخصوص خوف وهو الذي يفهم من اطلاق أوامر التقية وما ورد من الاهتمام فيها ويؤيده بل يدل عليه اطلاق قوله (ع) ليس منا من لم يجعل التقية شعاره ودثاره مع من يأمنه ليكون سجيته له مع من يحذره نعم في حديث أبي الحسن الرضا صلوات الله عليه معاتبا لبعض أصحابه الذين صحبهم انكم تتقون حيث لا يجب بالتقية وتتركون حيث لابد من التقية وليحمل على بعض مالا ينافي القواعد الثالث انه لو خالف التقية في محل وجوبها فقد اطلق بعض بطلان العمل للتروك؟ فيه والتحقيق ان نفس ترك التقية في جزء العمل أو في شرطه أو في مانعه لا يوجب بنفسه الا استحقاق العقاب على تركها فان لزم من ذلك ما يوجب بمقتضى القواعد بطلان الفعل بطل والا فلا فمن مواقع البطلان السجود على التربة الحسينية مع اقتضاء
(٤٠٠)