للتقية من الفصل بين يديه بان لا يضع بطن أحدهما على ظهر الأخرى بل يقارب بينهما وكما إذا تمكن من صبه الماء من الكف إلى المرفق لكنه ينوى الغسل عند رجوعه من المرفق إلى الكف وجب ذلك ولم يجز العمل على وجه التقية بل التقية على هذا الوجه غير جائزة في غير العبادات أيضا وكانه مما لا خلاف فيه وان أريد به عدم التمكن من العمل على طبق الواقع في مجموع الوقت المضروب لذلك العمل حتى لا يصح العمل تقية الا لمن لم يتمكن في مجموع الوقت من الذهاب إلى موضع مأمون فالظاهر عدم اعتباره لان حمل اخبار الاذن في التقية في الوضوء والصلاة على صورة عدم التمكن من اتيان الحق في مجموع الوقت مما يأباه ظاهر أكثرها بل صريح بعضها ولا يبعد أيضا كونه وفاقيا وان أريد عدم المندوحة حين العمل من تبديل موضوع التقية بموضوع الامن كان يكون في سوقهم ومساجدهم ولا يمكن في ذلك الحين من العمل على طبق الواقع الا بالخروج إلى مكان حال أو التحيل في ازعاج من يتقى منه عن مكانه لئلا يراه فالأظهر في اخبار التقية عدم اعتباره إذ الظاهر منها الاذن بالعمل على التقية في أفعالهم المتعارفة من دون الزامهم بترك ما يريدون فعله بحسب مقاصدهم العرفية أو فعل ما يجب تركه كذلك مع لزوم الحرج العظيم في ترك مقاصدهم ومشاغلهم لأجل فعل الحق بقدر الامكان مع أن التقية انما شرعت تسهيلا للامر على الشيعة ورفعا للحرج عنهم مع أن التخفي عن المخالفين في الأعمال ربما يؤدى إلى اطلاعهم على ذلك فيصير سببا لتفقدهم ومراقبتهم للشيعة وقت العمل فيوجب نقص غرض التقية نعم في بعض الأخبار ما يدل على اعتبار عدم المندوحة في ذلك الجزء من الوقت وعدم التمكن من دفع موضوع التقية مثل رواية أحمد بن محمد بن أبي نصر عن إبراهيم بن شيبه قال كتبت إلى أبى جعفر الثاني (ع) عن الصلاة خلف من يتولى أمير المؤمنين (ع) و هو يرى المسح على الخفين أو خلف من يحرم المسح على الخفين وهو يمسح فكتب (ع) ان جامعك واياهم موضع لا تجد بدا من الصلاة معهم فاذن لنفسك وأقم فان سبقك إلى القراء فسبح فان ظاهرها اعتبار تعذر ترك الصلاة معهم ونحوها ما عن الفقه الرضوي من المرسل عن العالم عليه السلام قال ولاتصل خلف أحد الا خلف رجلين أحدهما من تثق به وبدينه وورعه واخر من تتقى سيفه وسوطه وشروة بوائقه وشنيعته فصل خلفه على سبيل التقية والمداراة واذن لنفسك وأقم واقرء فيها فإنه غير مؤتمن به إلى آخره وفى رواية معمر بن يحيى الواردة في تخليص الأموال عن أيدي العشار انه كلما أخاف المؤمن على نفسه فيه ضرورة فله فيه التقية وعن دعائم الاسلام عن أبي جعفر الثامن عليه السلام لا تصلوا خلف ناصب ولا كرامية الا ان تخافوا على أنفسكم ان تشتهروا ويشار إليكم فصلوا في بيوتكم ثم صلوا معهم واجعلوا صلواتكم معهم تطوعا ويؤيده العمومات الدالة على أن التقية في كل شئ يضطر إليه ابن آدم فان ظاهرها حصر التقية في حال الاضطرار ولا يصدق الاضطرار مع التمكن من تبديل موضوع التقية بالذهاب إلى موضوع الامن مع التمكن وعدم الحرج نعم لو لزم من التزام ذلك جرح أو ضيق من تفقد المخالفين وظهور حاله في مخالفتهم سرا فهذا أيضا داخل في الاضطرار وبالجملة فمراعاة عدم المندوحة في الجزء من الزمان الذي يوقع فيه الفعل أقوى مع أنه أحوط نعم تأخير الفعل عن أول وقته لتحقق الامن وارتفاع الخوف مما لا دليل عليه بل الاخبار بين ظاهر وصريح في خلافه كما تقدم بقى هنا أمور الأول انك عرفت ان صحة العبادة واسقاطها للفعل ثانيا تابع لمشروعية الدخول فيها والاذن فيها من المشهور وعرفت أيضا ان نفس أوامر التقية الدالة على كونها واجبة من جهة حفظ ما يجب حفظه لا يوجب الاذن في الدخول في العبادة على وجه من باب امتثال الأوامر المتعلقة بتلك العبادة الا فيما كان متعلق التقية من الأجزاء والشروط الاختيارية كنجاسة الثوب والبدن ونحوها إما ما اقتضى الدليل ولو باطلاقه مدخليته في العبادة من دون اختصاص بحال الاختيار فمجرد الامر بالتقية لا يوجب الاذن في امتثال العبادة فيضمن الفعل الفاقد لذلك الجزء أو الشرط تقية كما هو واضح ثم إن الاذن المذكور قد ورد في بعض العبادات كالوضوء مع المسح على الخفين أو غسل الخفين والصلاة مع المخالف حيث يترك فيها بعض ماله مدخلية فيها ويوجد بعض الموانع مثل التكفير ونحوه والغرض هنا بيان انه هل يوجد في عمومات الامر بالتقية ما يوجب الاذن في امتثال العبادات عموما على وجه التقية بحيث لا يحتاج في الدخول في كل عبادة على وجه التقية امتثالا للامر المتعلق بتلك العبادة إلى النص الخاص لتفيد قاعدة كلية في كون التقية عذرا رافعا لاعتبار ما هو معتبر في العبادات وان لم يختص اعتباره بحال الاختيار مثل الدخول في الصلاة مع الوضوء بالنبيذ أو مع التيمم في السفر بمجرد غرة الماء ولو كان موجودا أم لا الذي يمكن الاستدلال به على ذلك اخبار منها قوله صلى الله عليه وآله التقية في كل شئ يضطر إليه ابن آدم فقد أحله الله بناء على أن المراد ترخيص الله سبحانه في كل فعل أو ترك يضطر إليه الانسان في عمله فنقول مثلا ان الانسان يضطر إلى استعمال النبيذ أو المسح على الخفين أو غسل الرجلين في وضوئه والى استعمال التراب للتيمم في صلاته والى التكفير وترك البسملة وغير ذلك من الافعال والتروك الممنوعة شرعا في صلاته فكل ذلك مرخص فيه في العمل بمعنى ارتفاع المنع الثابت فيها لولا التقية وإن كان منعا غير يا من جهة التوصل بتركها إلى صحة العمل وأداء فعله إلى فساد
(٣٩٩)