كتاب الطهارة (ط.ق) - الشيخ الأنصاري - ج ٢ - الصفحة ٣٩٩
للتقية من الفصل بين يديه بان لا يضع بطن أحدهما على ظهر الأخرى بل يقارب بينهما وكما إذا تمكن من صبه الماء من الكف إلى المرفق لكنه ينوى الغسل عند رجوعه من المرفق إلى الكف وجب ذلك ولم يجز العمل على وجه التقية بل التقية على هذا الوجه غير جائزة في غير العبادات أيضا وكانه مما لا خلاف فيه وان أريد به عدم التمكن من العمل على طبق الواقع في مجموع الوقت المضروب لذلك العمل حتى لا يصح العمل تقية الا لمن لم يتمكن في مجموع الوقت من الذهاب إلى موضع مأمون فالظاهر عدم اعتباره لان حمل اخبار الاذن في التقية في الوضوء والصلاة على صورة عدم التمكن من اتيان الحق في مجموع الوقت مما يأباه ظاهر أكثرها بل صريح بعضها ولا يبعد أيضا كونه وفاقيا وان أريد عدم المندوحة حين العمل من تبديل موضوع التقية بموضوع الامن كان يكون في سوقهم ومساجدهم ولا يمكن في ذلك الحين من العمل على طبق الواقع الا بالخروج إلى مكان حال أو التحيل في ازعاج من يتقى منه عن مكانه لئلا يراه فالأظهر في اخبار التقية عدم اعتباره إذ الظاهر منها الاذن بالعمل على التقية في أفعالهم المتعارفة من دون الزامهم بترك ما يريدون فعله بحسب مقاصدهم العرفية أو فعل ما يجب تركه كذلك مع لزوم الحرج العظيم في ترك مقاصدهم ومشاغلهم لأجل فعل الحق بقدر الامكان مع أن التقية انما شرعت تسهيلا للامر على الشيعة ورفعا للحرج عنهم مع أن التخفي عن المخالفين في الأعمال ربما يؤدى إلى اطلاعهم على ذلك فيصير سببا لتفقدهم ومراقبتهم للشيعة وقت العمل فيوجب نقص غرض التقية نعم في بعض الأخبار ما يدل على اعتبار عدم المندوحة في ذلك الجزء من الوقت وعدم التمكن من دفع موضوع التقية مثل رواية أحمد بن محمد بن أبي نصر عن إبراهيم بن شيبه قال كتبت إلى أبى جعفر الثاني (ع) عن الصلاة خلف من يتولى أمير المؤمنين (ع) و هو يرى المسح على الخفين أو خلف من يحرم المسح على الخفين وهو يمسح فكتب (ع) ان جامعك واياهم موضع لا تجد بدا من الصلاة معهم فاذن لنفسك وأقم فان سبقك إلى القراء فسبح فان ظاهرها اعتبار تعذر ترك الصلاة معهم ونحوها ما عن الفقه الرضوي من المرسل عن العالم عليه السلام قال ولاتصل خلف أحد الا خلف رجلين أحدهما من تثق به وبدينه وورعه واخر من تتقى سيفه وسوطه وشروة بوائقه وشنيعته فصل خلفه على سبيل التقية والمداراة واذن لنفسك وأقم واقرء فيها فإنه غير مؤتمن به إلى آخره وفى رواية معمر بن يحيى الواردة في تخليص الأموال عن أيدي العشار انه كلما أخاف المؤمن على نفسه فيه ضرورة فله فيه التقية وعن دعائم الاسلام عن أبي جعفر الثامن عليه السلام لا تصلوا خلف ناصب ولا كرامية الا ان تخافوا على أنفسكم ان تشتهروا ويشار إليكم فصلوا في بيوتكم ثم صلوا معهم واجعلوا صلواتكم معهم تطوعا ويؤيده العمومات الدالة على أن التقية في كل شئ يضطر إليه ابن آدم فان ظاهرها حصر التقية في حال الاضطرار ولا يصدق الاضطرار مع التمكن من تبديل موضوع التقية بالذهاب إلى موضوع الامن مع التمكن وعدم الحرج نعم لو لزم من التزام ذلك جرح أو ضيق من تفقد المخالفين وظهور حاله في مخالفتهم سرا فهذا أيضا داخل في الاضطرار وبالجملة فمراعاة عدم المندوحة في الجزء من الزمان الذي يوقع فيه الفعل أقوى مع أنه أحوط نعم تأخير الفعل عن أول وقته لتحقق الامن وارتفاع الخوف مما لا دليل عليه بل الاخبار بين ظاهر وصريح في خلافه كما تقدم بقى هنا أمور الأول انك عرفت ان صحة العبادة واسقاطها للفعل ثانيا تابع لمشروعية الدخول فيها والاذن فيها من المشهور وعرفت أيضا ان نفس أوامر التقية الدالة على كونها واجبة من جهة حفظ ما يجب حفظه لا يوجب الاذن في الدخول في العبادة على وجه من باب امتثال الأوامر المتعلقة بتلك العبادة الا فيما كان متعلق التقية من الأجزاء والشروط الاختيارية كنجاسة الثوب والبدن ونحوها إما ما اقتضى الدليل ولو باطلاقه مدخليته في العبادة من دون اختصاص بحال الاختيار فمجرد الامر بالتقية لا يوجب الاذن في امتثال العبادة فيضمن الفعل الفاقد لذلك الجزء أو الشرط تقية كما هو واضح ثم إن الاذن المذكور قد ورد في بعض العبادات كالوضوء مع المسح على الخفين أو غسل الخفين والصلاة مع المخالف حيث يترك فيها بعض ماله مدخلية فيها ويوجد بعض الموانع مثل التكفير ونحوه والغرض هنا بيان انه هل يوجد في عمومات الامر بالتقية ما يوجب الاذن في امتثال العبادات عموما على وجه التقية بحيث لا يحتاج في الدخول في كل عبادة على وجه التقية امتثالا للامر المتعلق بتلك العبادة إلى النص الخاص لتفيد قاعدة كلية في كون التقية عذرا رافعا لاعتبار ما هو معتبر في العبادات وان لم يختص اعتباره بحال الاختيار مثل الدخول في الصلاة مع الوضوء بالنبيذ أو مع التيمم في السفر بمجرد غرة الماء ولو كان موجودا أم لا الذي يمكن الاستدلال به على ذلك اخبار منها قوله صلى الله عليه وآله التقية في كل شئ يضطر إليه ابن آدم فقد أحله الله بناء على أن المراد ترخيص الله سبحانه في كل فعل أو ترك يضطر إليه الانسان في عمله فنقول مثلا ان الانسان يضطر إلى استعمال النبيذ أو المسح على الخفين أو غسل الرجلين في وضوئه والى استعمال التراب للتيمم في صلاته والى التكفير وترك البسملة وغير ذلك من الافعال والتروك الممنوعة شرعا في صلاته فكل ذلك مرخص فيه في العمل بمعنى ارتفاع المنع الثابت فيها لولا التقية وإن كان منعا غير يا من جهة التوصل بتركها إلى صحة العمل وأداء فعله إلى فساد
(٣٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 394 395 396 397 398 399 400 401 402 403 404 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في غسل الأموات 275
2 في وجوب توجيه الميت إلى القبلة عند الاحتضار 278
3 في كيفية غسل الميت 288
4 في كيفية تكفين الميت 296
5 في دفن الأموات 315
6 في مس الميت 318
7 في غسل الجمعة 321
8 في الأغسال المستحبة 325
9 في النجاسات 335
10 في البول والغائط 336
11 في المني من كل حيوان ذي نفس سائلة 338
12 في احكام الميتة 339
13 في احكام الدم المسفوح 344
14 في احكام الكلب والخنزير 346
15 في الكافر بجميع أقسامه 348
16 في حكم المخالف لأهل الحق 351
17 في المسكرات المائعة 359
18 في حكم الفقاع 367
19 في العفو عن الدم في ما دون الدرهم 373
20 في ما لا يتم الصلاة فيه 375
21 في بول الرضيع 378
22 فيما تجففه الشمس 381
23 فيما أحالته النار 382
24 في أن الأرض تطهر باطن النعل والقدم 383
25 في الانقلاب 385
26 في الاسلام 388
27 في انتقال النجاسة 390
28 في أواني الذهب والفضة 391
29 في ولوغ الكلب 394
30 في العدالة 402
31 في القضاء عن الميت 415
32 في المواسعة والمضايقة 424
33 في قاعدة من ملك شيئا ملك الاقرار به 447
34 في قاعدة نفي الضرر 452
35 كتاب الزكاة في شرائط وجوب الزكاة وأنه لا زكاة على الطفل 458
36 في أنه لا زكاة على المملوك 462
37 في أنه لا زكاة في المغصوب 464
38 في أنه لا زكاة في الوقف 465
39 في اعتبار البلوغ في زكاة النقدين 471
40 في أنه لا زكاة في مال العبد 472
41 الأقوال في ملكية العبد 475
42 في زكاة الدين 477
43 في اعتبار السوم في زكاة الأنعام 480
44 في حول السخال 483
45 في جواز اخراج القيمة عن العين في زكاة الغلات والنقدين 485
46 في زكاة مال التجارة 494
47 في شروط الزكاة في مال التجارة 495
48 في حرمة زكاة غير الهاشمي على الهاشمي 510
49 في متولي اخراج الزكاة 512
50 في حرمة نقل الزكاة من بلد إلى بلد آخر 513
51 في زكاة الفطرة 517
52 في وقت زكاة الفطرة 521
53 كتاب الخمس 525
54 في اختلاط مال الحلال بالحرام واحكامه 540
55 في بيان المراد بذي القربى 546
56 في الأنفال 553
57 كتاب الصوم وبيان معناه لغة وشرعا واحكامه وشرائط 572