فقال الله: يا يونس انهم مائة الف أو يزيدون من خلقي يعمرون بلادي ويلدون عبادي ومحبتي، ان أتأنيهم للذي سبق من علمي فيهم وفيك، وتقديري غير علمك وتقديرك وأنت المرسل وأنا الرب الحكيم، يا يونس وقد أجبتك إلى مسألتك من العذاب عليهم وما ذلك يا يونس بأوفر لحظك عندي، وسيأتيهم عذابي في شوال يوم الأربعاء وسط الشهر بعد طلوع الشمس، فأعلمهم ذلك.
قال: فسر بذلك يونس (ع) ولم يدر ما عاقبته، فانطلق يونس (ع) إلى تنوخا العابد فأخبره بما أوحى الله إليه من نزول العذاب على قومه في ذلك اليوم وقال له: انطلق إليهم وأعلمهم بما أوحى الله إلى من نزول العذاب عليهم، فقال تنوخا: فدعهم في غمرتهم ومعصيتهم، حتى يعذبهم الله تعالى، فقال له يونس (ع):
بل نلقى روبيل فنشاوره فإنه رجل عالم حكيم من أهل بيت النبوة.
فانطلقا إلى روبيل، فأخبره يونس عليه السلام بما أوحى الله إليه من نزول العذاب على قومه في شوال يوم الأربعاء في وسط الشهر بعد طلوع الشمس، فقال له:
ما ترى؟ انطلق بنا حتى اعلمهم ذلك، فقال له روبيل: إرجع إلى ربك رجعة نبي حكيم وسله أن يصرف عنهم العذاب فإنه غني عن عذابهم، وهو يحب الرفق بعباده، ولعل قومك بعد ما سمعت ورأيت من كفرهم وجحودهم يؤمنون يوما فصابرهم وتأنهم.
فقال له تنوخا: ويحك يا روبيل ما أشرت إلى يونس (ع) وأمرت، بعد كفرهم بالله وجحودهم لنبيه وتكذيبهم إياه وإخراجهم إياه من مساكنه وما هموا به من رحمة، فقال روبيل لتنوخا: اسكت فإنك رجل عابد لا علم لك.
ثم اقبل على يونس (ع) فقال: يا يونس إذا انزل الله العذاب على قومك يهلكهم جميعا أو يهلك بعضا ويبقي بعضا؟ فقال يونس (ع): بل يهلكهم جميعا وكذلك سألته ما دخلتني لهم رحمة تعطف، فأراجع الله فيهم واسأله ان يصرف عنهم، فقال له روبيل:
أتدري يا يونس لعل الله إذا أنزل عليهم العذاب فأحسوا به أن يتوبوا إليه، فيرحمهم فإنه أرحم الراحمين ويكشف عنهم العذاب من بعد ما أخبرتهم عن الله انه ينزل عليهم