على الجبال بناحية مغاوض العيون ومجاري السيول في الجبال العادية المستطيلة على الجبال، فأذلها به لينها به حتى تصير ملينة حديدا جامدا.
فهبط إسرافيل عليهم، فنشر أجنحته، فاستاق بها ذلك العذاب حتى ضرب بها تلك الجبال.
قال أبو جعفر (ع): وهي الجبال التي بناحية الموصل اليوم، فصارت حديدا إلى يوم القيامة.
فلما رأى قوم يونس ان العذاب قد صرف عنهم، هبطوا من رؤوس الجبال إلى منازلهم ضموا إليهم نساءهم وأولادهم وأموالهم وحمدوا الله على ما صرف عنهم.
وأصبح يونس (ع) وتنوخا يوم الخميس في موضعهما لا يشكان ان العذاب قد نزل بهم وأهلكهم جميعا، لما خفيت أصواتهم عندهما، فأقبلا ناحية القرية يوم الخميس مع طلوع الشمس ينظران إلى ما صار إليه القوم.
فلما دنوا من القوم واستقبلهم الحطابون والحماة والرعاة بأغنامهم ونظروا إلى أهل القرية مطمئنين، قال يونس لتنوخا: يا تنوخا كذبني الوحي وكذبت وعدي لقومي ولا عزة لي ولا يرون لي وجها أبدا بعد ما كذبني الوحي.
فانطلق يونس هاربا على وجهه مغاضبا لربه ناحية البحر مستنكرا فرار من أن يراه أحد من قومه فيقول له كذاب. فلذلك قال الله تعالى: (وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه...) الآية.
ورجع تنوخا إلى القرية فلقي روبيل فقال له: يا تنوخا أي الرأيين كان أصوب وأحق ان يتبع، رأيي أو رأيك؟ فقال له تنوخا: بل رأيك كان أصوب ولقد كنت أشرت برأي الحكماء العلماء. فقال تنوخا: اما انى لم أزل أرى اني أفضل منك لزهدي وفضل عبادتي حتى استبان فضلك لفضل علمك، وما أعطاك ربك من الحكمة مع التقوى أفضل من الزهد والعبادة بلا علم، فاصطحبا، فلم يزالا مقيمين مع قومهما.