فلما صاروا ثلاثة أميال قال لهم تمليخا: يا إخوتاه جاءت مسكنة الآخرة وذهب ملك الدنيا، انزلوا عن خيولكم وامشوا على أرجلكم لعل الله ان يجعل لكم من أمركم فرجا ومخرجا، فنزلوا عن خيولهم ومشوا على أرجلهم سبعة فراسخ في ذلك اليوم، فجعلت أرجلهم تقطر دما.
قال: فاستقبلهم راع فقالوا: يا أيها الراعي هل من شربة لبن أو ماء؟ فقال الراعي: عندي ما تحبون، ولكن أرى وجوهكم وجوه الملوك وما أظنكم إلا هرابا من دقيانوس الملك، قالوا: يا أيها الراعي لا يحل لنا الكذب أفينجينا منك الصدق؟
فأخبروه بقصتهم، فانكب الراعي على أرجلهم يقبلها ويقول: يا قوم لقد وقع في قلبي ما وقع في قلوبكم ولكن أمهلوني حتى أرد الأغنام على أربابها وألحق بكم، فتوقفوا له، فرد الأغنام واقبل يسعى يتبعه الكلب.
فوثب اليهودي فقال: يا علي ما اسم الكلب وما لونه؟ فقال له علي عليه السلام:
لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم، أما لون الكلب فكان أبلق بسواد، وأما اسم الكلب فقطمير.
فلما نظر الفتية إلى الكلب قال بعضهم: إنا نخاف ان يفضحنا الكلب بنباحه، فألحوا عليه بالحجارة، فأنطق الله الكلب وقال: ذروني حتى أحرسكم من عدوكم.
فلم يزل الراعي يسير بهم، حتى علاهم جبلا فانحط به على كهف يقال له الوصيد فإذا بفناء الكهف عيون وأشجار مثمرة، فأكلوا من الثمر وشربوا من الماء وجنهم الليل.
فأوحى الله تعالى إلى ملك الموت بقبض أرواحهم، ووكل الله بكل رجل ملكين يقلبانه من ذات اليمين إلى ذات الشمال، وأوحى الله إلى خزان الشمس (فكانت تزاور كهفهم ذات اليمين وتقرضهم ذات الشمال).
فلما رجع دقيوس من عيده، سأل عن الفتية؟ فأخبر انهم خرجوا هربا، فركب في ثمانين الف حصان، فلم يزل يقفوا أثرهم حتى علا، فانحط إلى كهفهم.
فلما نظر إليهم فإذا هم نيام، فقال الملك لو أردت ان أعاقبهم بشئ لما عاقبتهم بأكثر مما عاقبوا أنفسهم، ولكن ائتوني بالبنائين، فسد باب الكهف بالكلس والحجارة