فلما قرب الوقت خرج يونس عليه السلام مع العابد وبقى العالم فيها.
فلما كان في ذلك اليوم نزل العذاب فقال العالم لهم: يا قوم افزعوا إلى الله فلعله يرحمكم فيرد العذاب عنكم، فقالوا: كيف نفعل؟ قال: اخرجوا إلى المفازة وفرقوا بين النساء والأولاد وبين الإبل وأولادها وبين البقر وأولادها وبين الغنم وأولادها ثم ابكوا وادعوا، فذهبوا وفعلوا ذلك وضجوا وبكوا، فرحمهم الله وصرف ذلك عنهم وفرق العذاب على الجبال.
وقد كان نزل وقرب منهم، فأقبل يونس (ع) لينظر كيف أهلكهم الله فرأى الزارعين يزرعون في أرضهم، فقال لهم: ما فعل قوم يونس؟ فقالوا له ولم يعرفوه ان يونس دعا عليهم، فاستجاب الله له ونزل العذاب عليهم، فاجتمعوا وبكوا، فدعوا فرحمهم الله وصرف ذلك عنهم وفرق العذاب على الجبال، فهم ذا يطلبون يونس (ع) ليؤمنوا به، فغضب يونس ومر على وجهه مغاضبا به، كما حكى الله، حتى انتهى إلى ساحل البحر، فإذا سفينة قد شحنت وأرادوا ان يدفعوها، فسألهم يونس عليه السلام ان يحملوه، فحملوه.
فلما توسط البحر، بعث الله حوتا عظيما، فحبس عليهم السفينة فنظر إليه يونس عليه السلام ففزع، فصار في مؤخرة السفينة، فدار إليه الحوت وفتح فاه، فخرج أهل السفينة فقالوا: فينا عاص، فتساهموا فخرج سهم يونس عليه السلام.
وهو قول الله عز وجل: (فتساهموا فكان من المدحضين) فأخرجوه فألقوه في البحر فالتقمه الحوت ومر في الماء.
وقد سأل بعض اليهود أمير المؤمنين عليه السلام عن سجن طاف أقطار الأرض بصاحبه فقال: يا يهودي أما السجن الذي طاف أقطار الأرض بصاحبه فإنه الحوت الذي حبس فيه يونس عليه السلام في بطنه، فدخل في بحر القلزم، ثم خرج إلى بحر مصر ثم دخل بحر طبرستان ثم دخل في دجلة العوراء ثم مر به تحت الأرض حتى لحقت بقارون.
وكان قارون هلك في أيام موسى (ع) ووكل الله به ملكا يدخله في الأرض