في أصل ذلك الجبل واديا يقال له الغضبان، يغضب لغضب الرحمن تبارك وتعالى، في ذلك الوادي جب قامته مائة عام في ذلك الجب توابيت من نار في تلك التوابيت صناديق من نار وثياب من نار وسلاسل من نار وأغلال من نار.
فرفع يحيى (ع) رأسه فقال: وا غفلتاه من السكران، ثم أقبل هائما على وجهه فقام زكريا من مجلسه ودخل على أم يحيى فقال لها: يا أم يحيى قومي فاطلبي يحيى فاني قد تخوفت ان لا نراه إلا وقد ذاق الموت، فقامت فخرجت في طلبه حتى مرت بفتيان من بني إسرائيل فقالوا لها يا أم يحيى أين تريدين؟ قالت إن اطلب ولدي يحيى ذكرت النار بين يديه، فهام على وجهه.
فمضت أم يحيى والفتية معها، حتى مرت براعي غنم، فقالت له: يا راعي هل رأيت شابا من صفته كذا وكذا؟ فقال لها لعلك تطلبين يحيى بن زكريا؟
قالت نعم ذاك ولدي، ذكرت النار بين يديه فهام على وجهه، فقال اني تركته الساعة على عقبة ثنية كذا وكذا ناقعا على قدميه في الماء رافعا بصره إلى السماء يقول: وعزتك يا مولاي لا ذقت بارد الشراب حتى انظر إلى منزلتي منك.
وأقبلت أمه، فلما رأته دنت منه فأخذت برأسه فوضعته بين ثدييها وهي تناشده بالله ان ينطلق معها إلى المنزل، فانطلق معها إلى المنزل.
فقالت: هل لك ان تخلع مدرعة الشعر؟ وتلبس مدرعة الصوف فإنه ألين، ففعل، وطبخ له عدس فأكل واستوفى، فنام فذهب به النوم فلم يقم لصلاته.
فنودي في منامه: يا يحيى بن زكريا أردت دارا خيرا من داري وجوارا خيرا من جواري، فاستيقظ فقام فقال: يا رب أقلني عثرتي إلهي فو عزتك لا استظل بظل سوى بيت المقدس، وقال لامه: ناوليني مدرعة الشعر فقد علمت انكما ستورداني المهالك، فدفعت إليه المدرعة وتعلقت به فقال لها زكريا: يا أم يحيى دعيه فان ولدي قد كشف عن قناع قلبه ولن ينتفع بالعيش. فقام يحيى فلبس مدرعته ووضع البرنس على رأسه، ثم اتى بيت المقدس فجعل يعبد الله عز وجل مع الأحبار حتى كان من امره ما كان. وعن مير المؤمنين عليه السلام: ما بكت