والجن والانس والطير والوحوش، وخرج سليمان في طلب الخاتم فلم يجده، فهرب ومر على ساحل البحر.
وأنكرت بنو إسرائيل الشياطين الذين تصوروا في صورة سليمان، وصاروا إلى أمه، فقالوا لها أتنكرين من سليمان شيئا؟ فقالت: كان أبر الناس بي وهو اليوم يعصيني، وصاروا إلى جواريه ونسائه وقالوا أتنكرون من سليمان شيئا؟
قلن: لم يكن يأتينا في الحيض وهو يأتينا في الحيض.
فلما خاف الشيطان ان يفطنوا به ألقى الخاتم في البحر، فبعث الله سمكة فالتقمته وهرب الشيطان.
فبقى بنو إسرائيل يطلبون سليمان أربعين يوما.
وكان سليمان يمر على ساحل البحر تائبا إلى الله مما كان منه.
فلما كان بعد أربعين يوما مر بصياد يصيد السمكة، فقال له: أعينك على أن تعطيني من السمك شيئا؟ قال نعم، فأعانه سليمان.
فلما اصطاد دفع إلى سليمان سمكة فأخذها وشق بطنها، فوجد الخاتم في بطنها فلبسه، وخرت عليه الشياطين والجن والانس ورجع إلى مكانه، وطلب ذلك الشيطان وجنوده فقيدهم وحبس بعضهم في جوف الماء وبعضهم في جوف الصخر بأسامي الله فهم محبوسون معذبون إلى يوم القيامة.
فلما رجع سليمان إلى ملكة قال لآصف، وكان آصف كاتب سليمان وهو الذي كان عنده من علم الكتاب: قد عذرت الناس بجهالتهم، فكيف أعذرك؟
قال: لا تعذرني فلقد عرفت الشيطان الذي اخذ خاتمك وأباه وأمه وخاله، ولقد قال لي اكتب لي، فقلت له: ان العلم لا يجري بالجور، فقال اجلس ولا تكتب، فكنت اجلس ولا اكتب شيئا، ولكن اخبرني عنك صرت تحب الهدهد وهو أخس الطير منتنا وأخبثه ريحا، قال إنه يبصر الماء من وراء الصفاء الأصم، فقال وكيف يبصر الماء من وراء الصفاء الأصم؟ وانما يوارى عنه القمح بكف من التراب يأخذ رقبته، فقال سليمان: قف يا وقاف فإنه إذا جاء القدر حال دون البصر.