نتوب، فقل له يرجع إلينا ويأمرنا وينهانا بما يرضى ربنا، وأمر قومه فاعتزلوا الأصنام، فانطلق الكاتب ومن معه إلى الجبل، ثم ناداه فعرف الناس صوته، فأوحى الله إليه: ان أبرز إلى أخيك الصالح وصافحه، فقال المؤمن بعثني إليك هذا الطاغي وقص عليه ما قالوا، ثم قال: واني لخائف إن رجعت إليه ولست معي ان يقتلني، فأوحى الله عز وجل إلى الياس: ان كل شئ جاءك منهم خداع ليظفروا بك، واني أشغله عن هذا المؤمن بأن أميت ابنه.
فلما قدموا عليه اخذ الموت ابنه، ورجع الياس سالما إلى مكانه.
فلما ذهب الجزع عن الملك، سأل الكاتب عن الذي جاء به فقال ليس لي علم به.
ثم إن الياس نزل واستخفى عند أم يونس بن متى ستة أشهر، ويونس مولود، ثم عاد إلى مكانه، فلم يلبث إلا يسيرا حتى مات ابنها حين فطمته، فعظم مصابها فخرجت في طلب الياس ورقت الجبال حتى وجدت الياس، فقالت: اني فجعت بموت ابني وألهمني الله تعالى الاستشفاع بك إليه ليحيى لي ابني فاني تركته بحاله ولم أدفنه وأخفيت مكانه فقال لها ومتى مات ابنك؟ قالت: اليوم سبعة أيام.
فانطلق الياس وسار سبعة أيام أخرى، حتى انتهى إلى منزلها، فدعا الله سبحانه حتى أحيى الله بقدرته يونس عليه السلام، فلما عاش انصرف الياس.
ولما صار أربعين سنة، أرسله الله إلى قومه، كما قال: (وأرسلناه إلى مائة الف أو يزيدون).
ثم أوحى الله تعالى إلى الياس بعد سبع سنين من يوم أحيى الله يونس:
سلني أعطك فقال: تميتني فتلحقني بآبائي، فاني قد مللت بني إسرائيل وأبغضتهم فيك فقال الله تعالى: ما هذا اليوم الذي أعري الأرض منك وأهلها، وانما قوامها بك ولكن سلني أعطك، فقال الياس: فاعطني ثاري من الذين أبغضوني فيك فلا تمطر عليهم سبع سنين قطرة إلا بشفاعتي.
فاشتد على بني إسرائيل الجوع وألح عليهم البلاء وأسرع الموت فيهم وعلموا ان ذلك من دعوة الياس، ففزعوا إليه وقالوا نحن طوع يدك فهبط الياس معهم