ابن الذبيحين من وجهين على ما ذكرناه. وللذبح العظيم وجه آخر.
حدثنا ابن عبدوس عن ابن قتيبة عن الفضل قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: لما امر الله عز وجل إبراهيم عليه السلام ان يذبح مكان ابنه إسماعيل الكبش الذي أنزله عليه، تمنى إبراهيم عليه السلام ان يكون قد ذبح ابنه إسماعيل وانه لم يؤمر بذبح ذلك الكبش مكانه، ليرجع إلى قلبه ما يرجع إلى قلب الوالد الذي يذبح أعز ولده بيده عليه، فيستحق بذلك ارفع درجات أهل الثواب على المصائب، فأوحى الله عز وجل إليه: يا إبراهيم من أحب خلقي إليك؟ قال: يا رب ما خلقت خلقا هو أحب إلي من حبيبك محمد (ص)، فأوحى الله إليه: فهو أحب إليك أم نفسك؟ قال بل هو أحب إلي من نفسي، قال: فولده أحب إليك أم ولدك؟
قال: بل ولده، قال: فذبح ولده ظلما على أيدي أعدائه. أوجع لقلبك أم ذبح ولدك بيدك في طاعتي؟ قال: يا رب بل ذبحه على أيدي أعدائه أوجع لقلبي قال: يا إبراهيم فان طائفة تزعم أنها من شيعة محمد، ستقتل الحسين من بعده ظلما وعدوانا، كما يذبح الكبش ويستوجبون بذلك سخطي، فجزع إبراهيم عليه السلام لذلك، وتوجع قلبه واقبل يبكي، فأوحى الله عز وجل إلى إبراهيم عليه السلام:
قد فديت جزعك على ابنك إسماعيل لو ذبحته بيدك، بجزعك على الحسين وقتله، وأوجبت لك ارفع درجات أهل الثواب على المصائب، وذلك قول الله عز وجل:
(وفديناه بذبح عظيم).
أقول: هذا الحديث يرفع الاشكال الذي ربما يورد على أن المراد بالفداء الحسين عليه السلام بان يقال انه أفضل من إسماعيل، فكيف يكون فداء له لان الفداء أنفس درجة من المفدى.
وحاصل رفع الاشكال، ان المراد من قوله: (وفديناه بذبح عظيم) عوضناه لان الفداء يكون عوضا عن المفدي، والمعنى حينئذ إنا جعلنا مصيبة إبراهيم (ع) وحزنه عليه بدلا من مصيبته بذبح ابنه، فيكون الله سبحانه قد رقاه في درجات التكليف ومصائب الحزن.