يخرج منها في مثل منخري الثور، ولو اذن الله عز وجل لها ما تركت شيئا على وجه الأرض الا أحرقته، فأوحى الله عز وجل إلى خزنة الريح ان اخرجوا منها مثل ثقب الخاتم، فأهلكوا بها، وبها ينسف الله عز وجل الجبال نسفا والتلال والآكام والمدائن والقصور يوم القيامة.
وذلك قوله عز وجل: (يسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربى نسفا. فيذرها قاعا صفصفا. لا ترى فيها عوجا ولا أمتا) والقاع الذي لا نبات فيها، والصفصف الذي لا عوج فيه، والأمت المرتفع، وانما سميت العقيم لأنها تلقحت بالعذاب وتعقمت عن الرحمة كتعقم الرجل، إذا كان عقيما لا يولد له، وطحنت تلك القصور والحصون والمدائن حتى صاروا رملا، وانما كثر الرمل في تلك البلاد لان الريح طحنت تلك البلاد وعصفت عليهم (سبع ليال وثمانية أيام حسوما. فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية) وكانت ترفع الرجال والنساء فتهب بهم صعدا ثم ترمى بهم من الجو فيقعون على رؤوسهم منكبين، تقلع الرجال والنساء من تحت أرجلهم ثم ترفعهم وكانت الريح نقضت الجبال كما نقضت المساكن فتطحنها، ثم تعود رملا دقيقا، انما سميت عاد ارم ذات العماد، من اجل انهم كانوا يسلخون العمد من الجبال فيجعلون طول العمد مثل طول الجبال الذي يسلخونه من أسفله إلى أعلاه، ثم ينقلون تلك العمد فينصبونها، ثم يبنون القصور عليها، فسميت ذات العماد لذلك.
(كتاب الاحتجاج) عن علي بن يقطين قال: امر أبو جعفر الدوانيقي يقطين ان يحفر بئرا بقصر العبادي، فلم يزل يقطين في حفرها حتى مات أبو جعفر، ولم يستنبط منها الماء فأخبر المهدى بذلك، فقال له احفر ابدا حتى يستنبط الماء ولو أنفقت جميع ما في بيت المال، فوجه يقطين أخاه أبا موسى في حفرها، فلم يزل يحفر حتى ثقبوا ثقبا في أسفل الأرض فخرجت منه الريح فهالهم ذلك فأخبروا به أبا موسى فقال انزلوني وكان رأس البئر أربعين ذراعا في أربعين ذراع، فاجلس في شق محمل ودلي في البئر فلما صار في قعرها نظر إلى هولها وسمع دوي الريح في أسفل ذلك،