فإن قيل: هذه أخبار آحاد.
فالجواب: يكفي تجويزها في طريق الاحتمال إلى ما استدلوا به، وليس عدم نقلهم للاعتراض دليل عدم الاعتراض، ولا يلزم من عدم الدليل عدم المدلول عليه. مع أن أخبار الاعتراض والنكير على أبي بكر عند الفرقة المحقة أكثر من أن تحصى، وليس لانتشارها حد، وهي خارج عن حيز أخبار الآحاد منتظمة عندهم في سلك المتواترات، ينقلها الخلف عن السلف والصغير عن الكبير في الأقطار المتباعدة باللغات المختلفة.
سلم جدلا للخصم أنها غير متواترة، فيقال: السبب الذي لأجله لم يتواتر النكير هو قوة المنتصبين وضعف المعترضين وخوف الناقلين، وذلك يوجب الاستتار بالنكير، فيقع بارزا فيقل النقل، ثم يعتوره خوف الناقل فيكاد يضمحل، لولا أن يريد الله إظهار الحق لعباده كما قال الله تعالى * (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره) * (1).
فإن قيل: إذا كانت الإمامة لطفا في الأمور الدينية وعلي بن أبي طالب عليه السلام هو المنصوص عليه من الله تعالى ورسوله، فما باله لما نهض بالإمامة نكثت طائفة ومرقت أخرى وقسط آخرون. فلو أن قائلا يقول:
إنها مفسدة صريحة. لكان قوله أقرب من قولكم إنها لطف، لأن غاية الفساد نشأ من نهوضه.
فالجواب: هذا الفساد إن قدح في إمامته وكونها لطفا، لقدح في نبوة محمد صلى الله عليه وآله وكونها لطفا، بل في نبوة نوح وإبراهيم وموسى وعيسى وهود وصالح وأكثر الأنبياء عليهم السلام، وذلك لأن النبي عليه