وحجتهم أن الرئاسة لا تجب قبل ورود الشرع، وإنما تجب من حيث الشرع لإقامة الحدود، كالجرم للزاني والقطع للسارق والحد للمفتري، إلى غير ذلك.
وليس لأحد من الأمة أن يقيم هذه الحدود وإنما يقيمها الإمام، من غير خلاف بين الأمة، فعند ذلك تجب الرئاسة. ويستدلون على وجوبها بالآيات والأخبار.
ومنهم: من أوجبها عقلا لدفع الضرر، وأوجب نصب الإمام على المكلفين بهذا الاعتبار، وهم النظام والخياط وأبو الحسن البصري ومن وافقهم.
ومنهم: من أوجبها عقلا وسمعا، لكونها لطفا في أداء الواجبات واجتناب المقبحات، وأوجب نصب الإمام على الله سبحانه وتعالى، وهم الإمامية الاثنا عشرية. وهذا هو المذهب الصحيح على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
فقد بان على هذه الأقوال الأربعة أن علم الإمام (1) قد ازدوج فيه العقل والسمع، واصطحب فيه الرأي والشرع، ولم يستند بالمنقول دون المعقول، وقد أخذ من صفوهما واغتر ف من بحرهما واجتنى الثمرة من أغصانهما، فهو لأجل ذلك من أشرف العلوم وأجلها.