ارتكاب القبيح المنهي والإخلال بالواجب الذي ينتفر عنه (1) طبع المكلف يقع عنده، ولولاه ما كان (2) يقع، ولكنه لما كان معدودا في التمكن لم تكن مفسدة.
إذا تقرر هذا فنصب أمير المؤمنين عليه السلام والنص عليه بالإمامة تمكين للقوم من أن يعرفوه إماما فيطيعوه وينصروه وينزلوا تحت أمره ونهيه، فيصلوا بذلك إلى ما هو لطف لهم وتصرف فيهم، إذ هم لا يتمكنون من معرفة إمامته إلا بالنص عليه، فلا يكون حيثية نصبه والنص عليه مفسدة وإن وقع عنده فساد عظيم.
وبهذا الاعتبار يندفع كون بعثة الأنبياء عليهم السلام مفسدة، لأنها معدودة في التمكين، إذ الأمم بانبعاثهم وإظهار الإعلام عليهم يتمكنون من معرفة نبوتهم، فيعرفون مصالحهم التي يجهلونها، فلا يلزم من أن يكون بعثتهم مفسدة وإن وقع عندها الفساد العظيم.
وبمثله يدفع كون تكليف الكافر والعاصي مفسدة، لأن التكليف هو تمكين المكلف من أن يجعل المكلف نفسه مستحقا للثواب أو العقاب. فلم يلزم فيه أيضا مفسدة وإن وقع عنده الكفر والمعصية.
فقد بان فساد قولهم من أن مقارفة الفساد إنما [هو] من نهوض علي عليه السلام بالدلائل القاهرة الباهرة.