السلام لما بعث وقع من منكري نبوته في قريش وغيرهم من القبائح والمعاصي، كتكذيبه ورميه بالسحر والكهانة ومخاصمته وحروبه ما لولا انبعاثه لكان لا يقع شئ منه. وكذا القول في معاملة قوم نوح معه وإلقاء نمرود لإبراهيم عليه السلام في النار وقتل فرعون السحرة وقوله لموسى ولهم * (إنه لكبيركم الذي علمكم السحر فلا قطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم في جذوع النخل) * وما صنع اليهود بعيسى من قتل وصلب، وما صنع عاد وثمود يهود وصالح.
فلولا انبعاث هؤلاء الأنبياء عليهم السلام لما وقع شئ من هذه القبائح، فيجب على مقتضى هذا الاعتراض أن يكون بعثة هؤلاء مفسدة. فكل ما يدفع هذا الإلزام فهو الجواب.
فإن قيل: المكذبون (2) للأنبياء كانوا عصاة كفارا قبل بعثتهم، فكان كفرهم ومعصيتهم متقدم على انبعاث الأنبياء عليهم السلام.
فالجواب: ليس الكلام في المعاصي السالفة بل فيما تجدد عند الانبعاث، وعلى هذا الاعتراض يكون تكليف الكافر والعاصي مفسدة من حيث أنها تقع عند المتكلفين بالكفر والمعصية، ولولا تكليفهما لما وقع لا الكفر ولا المعصية، فكل ما دفع هذا الإلزام فهو أيضا جوابه.
وجه آخر:
وكان يلزم من خلق الشهوة والنفرة مفسدة، لأن الفساد الذي هو