بما أنزل الله، وقد ذم الله تعالى من لم يحكم بما أنزل الله، ونبه على أن من يهدي إلى الحق أحق أن يتبع بقوله تعالى * (أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أم من لا يهدي إلى أن يهدى فما لكم كيف تحكمون) * (1).
وفيه كفاية على الدلالة على أنه عليه السلام أحق بالإمامة من غيره.
ومعلوم أن القضاء بين الناس [من] منازل الأنبياء والأئمة، فلا يجوز أن يحكم أحد في زمن الأنبياء إلا نائب يريد النبي أن ينوه بذكره ويبين منزلته عنه أمته ليقتدوا به بعده.
وأما من تولى الحكومة في زمن النبي ليدل الحكومة على نبتوه؟ لا على نيابته، كقوله تعالى * (ففهمناها سليمان) * (2)، فكان تفهيم سليمان في حكومة الكرم والغنم دليلا على نبوته واستحقاق الأمر في حياة أبيه وبعد وفاته.
وحيث كانت الحكومة دليلا على استحقاق النبوة أو الإمامة وكانت النبوة ممتنعة في حق علي بن أبي طالب عليه السلام، ثبتت له الإمامة بهذه الطريقة، وبما تقدم في الفصل الرابع من أن علي بن أبي طالب هو إمام المؤمنين بقول الفرقين، ولم يخصوا بإمامته وقتا من الأوقات. وفي ذلك ثبوتها له بعد النبي عليه السلام بلا فصل عند من نظر بعين الحق والإنصاف وترك حب الدنيا جانبا.
ولو كان دفع براءة وإنفاذ الخصمين إلى علي عليه السلام أولا ما وضح الأمر هذا الوضوح، ولجاز أن يجول بخواطر الناس أن في الجماعة غير علي من يصلح أن يكون مؤديا لبراءة وقاضيا بين الخصمين قائما في