وحكمه حكمه، وإذا حكم بحكم مضى واستقر وأمن فيه الاعتراض.
وكان بنبذ العهد قوة الإسلام وكمال الدين وصلاح أمر المسلمين وفتح مكة واتساق أحوال الصلاح، وأراد الله تعالى أن يجعل ذلك كله على يد علي بن أبي طالب عليه السلام حتى ينوه باسمه ويعلى ذكره وينبه على فضله ويدل على علو قدره وشرف منزلته على من لم يحصل له شئ من ذلك.
وجملة الأمر وعقد الباب أن بين العزل والولاية فرقا عظيما وتباينا كثيرا لا يخفى على من رزق الحجى، وفي المثل السائر (العزل طلاق الرجال).
فإن كانت ولايته من النبي عليه السلام بحسن اختباره فعزله من الله سبحانه بحسن اختياره، لأن فعله تعالى على باطن الأحوال وفعل النبي عليه السلام على ظاهرها.
وإذا كان أبو بكر لم يصلح لتأدية آيات يسيرة فكيف يصلح للإمامة، لأن الإمام مترجم عن الكتاب العزيز بأجمعه وعن الستة بأسرها. ومعلوم أن الفعل الصادر عن الله تعالى ورسوله يتعالى عن العبث، فما الوجه في إنفاذ الرجل أولا وأخذها منه ثانيا إلا تنبيها على الفضل وثبوتها بالاسم وتعلية الذكر ورفعة لجناب من ارتضى لتأديتها، وعكس ذلك في من عزل.
ألم تر أن رسول الله صلى الله عليه وآله اختصم إليه رجلان في بقرة قتلت حمارا، فقال أحدهما: يا رسول الله بقرة هذا قتلت حماري. فقال رسول الله: إذهبا إلى أبي بكر واسألاه عن ذلك. فجاءا إلى أبي بكر وقصا