عليه قصتهما، فقال: كيف تركتما رسول الله وجئتماني؟ قال: هو أمرنا بذلك. فقال: بهيمة قتلت بهيمة لا شئ على ربها. فعادا إلى النبي فأخبراه بذلك، فقال لهما: إمضيا إلى عمرو قصا عليه قصتكما واسألاه القضاء في ذلك. فذهبا إليه وقصا عليه قصتهما. فقال لهما: كيف تركتما رسول الله وجئتماني؟ فقالا: [هو] أمرنا بذلك. فقال: فكيف لم يأمر كما بالمصير إلى أبي بكر. فقالا: قد أمرنا بذلك فصرنا إليه. فقال: ما الذي قال لكما في هذه القصة؟ قالا له: قال كيت وكيت. قال: ما أرى فيها إلا ما رأى أبو بكر.
فعادا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فخبراه بالخبر، فقال: إذهبا إلى علي بن أبي طالب ليقضي بينكما. فذهبا إليه فقصا عليه قصتهما، قال عليه السلام: إن كانت البقرة دخلت على الحمار في منامه فعلى ربها قيمة الحمار لصاحبه، وإن كان الحمار قد دخل على البقرة في منامها فقتلته فلا غرم على صاحبها. فعادا إلى النبي فأخبراه بقضيته بينهما، فقال: لقد قضى علي بن أبي طالب بينكما بقضاء الله سبحانه، ثم قال: الحمد لله الذي جعل فينا أهل البيت من يقضي على سنن داود في القضاء.
وقد روى هذه القضية بعض أهل المذاهب الأربعة وذكر أنها جرت في قضاء علي عليه السلام في اليمن.
فظاهر هذه الحال: إنما قصد بها الرسول عليه السلام أن يبين بها فضل علي عليه السلام، وأن هذين الرجلين يغرب عليهما القضاء في بهيمة فكيف يصلحان للإمامة، لأن الإمام يكون حاويا على ما تحتاج إليه الرعية من سائر العلوم جليلها وحقيرها كثيرها وقليلها، وينوه بذكر ابن عمه وأنه عليه السلام يقضي بقضاء داود عليه السلام، وأن هذين رجلين لم يحكما