كما أمر وقام إسماعيل مقامه، فلما استوفى إسماعيل أجله من الله تعالى وصى إلى أخيه إسحاق بمثل ذلك، لأن أولاد إسماعيل كانوا صغارا، فلما كبر نبت ابن إسماعيل وبلغ قام بالكعبة مقام أبيه إسماعيل، وتولى ذلك منهم كذلك يوصي الماضي إلى الباقي إلى أن بعث الله موسى عليه السلام نبيا ناطقا عازما على الأمم بترك ما كانوا عليه من عبادة غير الله، ثم سأل الله أن يشد أزره بأخيه هارون شريكا في أمره وخليفة في قومه، كما نطق القرآن المجيد * (واجعل لي وزيرا من أهلي * وهارون أخي * أشدد به أزري * وأشركه في أمري) * (1) وقوله تعالى * (وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح) * (2)، فأجابه الله تعالى إلى ما سأل، فتوفي هارون قبل موسى، فلما استوفى موسى مدته كان أولاده صغارا أوصى إلى ابن أخيه يوشع بن نون واستخلفه على قومه، فقام بوصيته، فلما استوفى أجله استخلف كوكب بن متى ووصى إليه، وتولى ذلك منهم كذلك يوصي الحاضر منهم إلى الغائب إلى أن بعث الله سبحانه عيسى نبيا ناطقا عازما بترك ما كانوا عليه، ثم إن عيسى استخلف شمعون الصفا ووصي إليه، فقام بدين المسيح.
فاتضح بهذين الخبرين أن سنة الأنبياء عليهم السلام استخلاف الأوصياء من عهد آدم إلى عهد المسيح وإلى نبينا صلوات الله عليهم أجمعين.
وقد أمر الله سبحانه نبينا محمدا صلى الله عليه وآله باتباع ملة إبراهيم