ووضع لهم الارزاق وأعطاهم، وقد جمع خمسين ألفا من أهل الشام والجزيرة، ثم سار حتى وصل إلى مدينة حران وترك أمواله وخزائنه بالرقة. وبلغ ذلك أبا مسلم فسار إليه في عسكره وجنوده، حتى التقى القوم فاقتتلوا قتالا شديدا، وانتصف بعضهم من بعض. ثم إن عبد الله بن علي أمر فخندق على نفسه خندقا، وخندق أبو مسلم أيضا على نفسه خندقا، ودام الحرب بينهما أربعة أشهر لا يفترون من ذلك.
قال: وعلم عبد الله بن علي أنه لا طاقة له بأبي مسلم فهم بالهرب، وجعل أهل الشام يستأمنون إلى أبي مسلم حتى استأمن منهم خلق كثير. فلما رأى عبد الله بن علي ذلك خرج ليلة من الليالي من عسكره بأنه يريد أن يكبس عسكر أبي مسلم، ثم مضى في جوف الليل فجعل يسير سيرا ماضيا إلى الرقة (1). قال:
وأصبح عبد الله بن علي وقد فقدوه فعلموا أنه قد هرب، فأرسلوا إلى أبي مسلم يسألون الأمان فآمنهم، وكتب إلى المنصور يخبره بهروب عبد الله بن علي وأخيه عبد الصمد. قال: وصار كتاب أبي مسلم إلى المنصور وهو نازل بدير يقال له دير الجاثليق، فلما فتح الكتاب وقرأه سمى ذلك الدير دير الفتوح، ثم كتب إلى أبي مسلم وأمره بطلب عبد الله بن علي حيث كان. قال: وأرسل أبو مسلم يريد عبد الله بن علي، وعلم عبد الله بن علي بذلك فترك أمواله وخزائنه بالرقة ثم عبر الفرات هو وأخوه عبد الصمد بن علي، فأما عبد الصمد بن علي فصار إلى الرصافة (2) فنزلها، وأما عبد الله بن علي فإنه صار إلى الشام ومن الشام إلى مكة ومن مكة إلى البصرة ومن البصرة إلى أخيه سليمان بن علي (3)، فأنشد أبو ميسرة في ذلك شعرا.
قال: فسار أبو مسلم حتى دخل الرقة واحتوى على جميع أموال عبد الله بن علي وخزائنه. وما كان أخذ من أموال بني أمية فاحتوى على ذلك كله. ثم صار إلى الرصافة فنزل عليها فحاصر عبد الصمد حتى أخذه وقيده ووجه به إلى المنصور. ثم صار إلى حران فنزلها ووضع العطاء لأصحابه وأعطاهم الارزاق سنة.
قال: وكتب سليمان بن علي إلى المنصور يسأله أن يعطي عبد الله الأمان