قال الحجاج: صدقت، فهل علمت من الفرائض (1)؟ فقال: نعم وإني لأعرف الاختلاف في الجد، قال: فهل تبصر الفقه؟
قال: نعم، إني لابصر منه ما أقوم به أهلي وأرشد به ذا العماء من قومي.
قال: فهل نظرت في النجوم؟ فقال: نعم، إني لأعرف منازل القمر، وما أهتدي (2) به في السفر، قال: فهل تروي الشعر؟ قال: نعم، إني لأروي منه المثل وأعرف الشاهد من أيام العرب. قال: فاتخذه الحجاج سميرا وأجرى عليه رزقا، فلم يكن يسأله عن شيء من العلوم والاخبار والأحاديث والأسمار إلا وجد عنده من ذلك طرفا (3).
قال: وبلغ ذلك قطري بن الفجاءة صاحب الأزارقة، فاشتد عليه مكان سبرة بن الجعد من الحجاج لأنه كان قد يرى رأيهم، قال: فكتب إليه قطري بن الفجاءة بهذه الأبيات:
لشتان ما بين [ابن] جعد وبيننا * إذا نحن رحنا في الحديد المظاهر (4) وراح ابن جعد الخير نحو أميره * أمير بتقوى ربه غير آمر نجالد (5) فرسان المهلب كلنا * صبور على وقع السيوف البواتر أبا الجعد أين العلم والحلم والنهى * وميراث آباء كرام العناصر ألم تر أن الموت لا شك نازل * ولا بعث إلا للألى في المقابر عراة حفاة والموات لديهم * إلى ظلمة تغشى عيون النواظر (6) وتب توبة تهدي إليك سعادة * فإنك ذو ذنب ولست بكافر فإن الذي قد نلت يفني وإنما * بقاؤك في الدنيا كوقعة طائر